للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ، وَفِي مُسَاوَاتِهِمْ وَجْهَانِ. وَإِنْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ، لَمْ يَجِبْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ لِمَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَادَ يَهُودِيًّا، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

وَالثَّالِثَةُ: يَجُوزُ

لِمَصْلَحَةٍ

رَاجِحَةٍ، كَرَجَاءِ إِسْلَامِهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيُّ: وَأَنَّهُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ: يُعَادُ، وَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَعَلَى الْجَوَازِ يُدْعَى لَهُ بِالْبَقَاءِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، زَادَ جَمَاعَةٌ قَاصِدًا كَثْرَةَ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ تَكْثِيرَ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

فَائِدَةٌ: كَرِهَ أَحْمَدُ الدُّعَاءَ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالْبَقَاءِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فُرِغَ مِنْهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَيَسْتَعْمِلُهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هُنَا، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعَا لِأَنَسٍ بِطُولِ الْعُمْرِ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ «لَا يَرُدُّ الْقَدْرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ» إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ. (وَيُمْنَعُونَ تَعْلِيَةَ الْبُنْيَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَرَفُّعًا عَلَيْهِمْ، فَمُنِعُوا مِنْهُ كَالتَّصْدِيرِ فِي الْمَجَالِسِ. وَالْمَنْعُ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُجَاوِرِ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ بِهِ سَوَاءٌ لَاصَقَهُ أَوْ لَا. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ الْجَارُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ - تَعَالَى - زَادَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: يَدُومُ عَلَى دَوَامِ الْأَوْقَاتِ، وَرِضَاهُ يُسْقِطُ حَقَّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ لِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ إِلَّا بِاجْتِنَابِهِ مُحَرَّمٌ، فَلَوْ كَانَتْ دَارُهُ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ، حَيْثُ لَا جَارَ، أَوْ كَانَ لَهُمْ مَحِلَّةٌ مُفْرَدَةٌ، فَلَا مَعْنَى لِلْمُطَاوَلَةِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنَ التَّعْلِيَةِ، قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ " وَغَيْرِهَا. (وَفِي مُسَاوَاتِهِمْ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>