نَقْضُهَا وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ. وَلَا يُمْنَعُونَ رَمَّ شَعَثِهَا، وَفِي بِنَاءِ مَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ؛ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى عُلُوِّ الْكُفْرِ، وَلَا إِلَى اطِّلَاعِهِمْ إِلَى عَوْرَاتِنَا.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُسَاوَاتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي اللِّبَاسِ فَكَذَا فِي الْبُنْيَانِ. (وَإِنْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَجِبْ نَقْضُهَا) لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَمْ يُعْلُوا شَيْئًا، وَفِيهِ وَجْهٌ لِقَوْلِهِ: " وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا مُلِكَتْ مِنْ كَافِرٍ أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُهَا، لِمَا ذَكَرْنَا، فَلَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ دَارٌ عَالِيَةٌ، فَمَلَكَ الْمُسْلِمُ دَارًا إِلَى جَانِبِهَا، أَوْ بَنَى الْمُسْلِمُ إِلَى جَنْبِ دَارِهِ دَارًا دُونَهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ هَدْمُهَا فِي الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ: إِذَا انْهَدَمَتِ الْعَالِيَةُ، لَمْ تُعَدْ عَالِيَةً، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " زَادَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ": إِلَّا إِذَا قُلْنَا: تُعَادُ الْبِيعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِحْدَاثٍ، وَالْمُنْهَدِمُ مِنْهَا ظُلْمًا كَهَدْمِهِ بِنَفْسِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: تُعَادُ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَوْلَى، فَلَوْ سَقَطَ هَذَا الْبِنَاءُ الَّذِي تَجِبُ إِزَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ أَتْلَفَهُ، فَيَتَوَجَّهُ الضَّمَانُ، وَأَنَّهُ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ.
(وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ الْكَنَائِسِ) وَاحِدُهَا كَنِيسَةٌ، وَهِيَ مَعْبَدُ النَّصَارَى. (وَالْبِيَعُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ لِلنَّصَارَى فَهُمَا حِينَئِذٍ يَتَرَادَفَانِ، وَقِيلَ: الْكَنَائِسُ لِلْيَهُودِ، وَالْبِيَعُ لِلنَّصَارَى، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، أَيْ: يُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِهِمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إِجْمَاعًا لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بَيْعَةً ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ.
زَادَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ": إِلَّا فِيمَا شَرَطُوهُ فِيمَا منِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ لَنَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ اسْتَحَقُّوهُ بِالشَّرْطِ، فَجَازَ لَهُمْ فِعْلُهُ، كَسَائِرِ الشُّرُوطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute