فَاسِدَةً، وَتَقَابَضُوا لَمْ يُنْقَضْ فِعْلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَمْ لَا. وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ) فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] ، وَلِأَنَّهُمَا كَافِرَانِ فَلَمْ يَجِبِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا كَالْمُسْتَأْمَنِينَ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] . وَرَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهُمْ وَاجِبٌ، وَطَرِيقُهُ الْحُكْمُ. وَعَنْهُ: مَعَ اخْتِلَافِ مِلَّتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِنْصَافُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ بِدُونِ الْحُكْمِ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ إِلَّا أَنْ يَتَظَالَمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَفْعَ الظُّلْمِ عَنْهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ، وَمَتَى خَيَّرْنَاهُ، جَازَ أَنْ يُعَدِّيَ وَيَحْكُمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا كَالْمُسْتَأْمَنِينَ. (وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٤٢] فَإِذَا حَكَمَ، لَزِمَهُمْ حُكْمُنَا لَا شَرِيعَتُنَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتْبَعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ، وَلَا يُدْعَوْنَ إِلَى حُكْمِنَا، نَصَّ عَلَى الْكُلُّ.
فَرْعٌ: لَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَوْ مُطْلَقًا، لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّ السَّبْتَ مُسْتَثْنًى مَنْ عَمِلَ فِي إِجَارَةٍ. (وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا) أَوْ تَعَاقَدُوا عُقُودًا (فَاسِدَةً) كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ (وَتَقَابَضُوا) مِنَ الطَّرَفَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمُوا، أَوْ أَتَوْنَا (لَمْ يُنْقَضْ فِعْلُهُمْ) لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالتَّقَابُضِ، وَلِأَنَّهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَتَنْفِيرا مِنَ الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيرِ إِرَادَتِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا) سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (فَسَخَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ فَيُنْقَضَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ. (سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَمْ لَا) أَيْ: لَوْ تَرَافَعُوا إِلَى حَاكِمِهِمْ فَأَلْزَمَهُمْ بِالتَّقَابُضِ، لَا يَلْزَمُ إِمْضَاءُ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَغْوٌ، لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. وَقِيلَ: إِنِ ارْتَفَعُوا بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِالْقَبْضِ، نُفِّذَ، وَهَذَا لِالْتِزَامِهِمْ بِحُكْمِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute