يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى هُدِّدَ وَحُبِسَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْتَلَ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقَرُّ، وَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا لُزُومِهُ لَهُمْ. وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ فِي الْخَمْرِ خَاصَّةً إِذَا قُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ، فَيَصِحُّ بَيْعُهَا كَالْأَمْتِعَةِ، فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُهُ إِلَى الْبَائِعِ، أَوْ وَارِثِهِ، بِخِلَافِ خِنْزِيرٍ لِحُرْمَةِ عَيْنِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ، فَلَهُ الثَّمَنُ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ، لِثُبُوتِهِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ. وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى مِثْلِهِ خَمْرٌ بِقَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَبَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا لأنها محرمة عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ، سَقَطَتْ مِنْ ذِمَّتِهِ، لِعَدَمِ مَالِيَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْلِمِ، وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يُسْلِمْ رَبُّهَا، فَلَهُ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَانَ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّهَا إِلَّا رَأْسُ مَالِهِ.
أُخْرَى: إِذَا تَبَايَعُوا بِرِبًا فِي أَسْوَاقِنَا مُنِعُوا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ بِفَسَادِ نَقْدِنَا؛ وَكَذَا إِنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، كَشِرَاءٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ.
(وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَا يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ) هَذَا إِحْدَى الرِّوَايَاتِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ حَقٌّ، وَالدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ دِينٌ صُولِحَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ غَيْرُهُمَا؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ دِينٌ بَاطِلٌ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ انْتَقَلَ إِلَى الْمَجُوسِيَّةِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ) هَذَا رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّ الدِّينَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَدِ اعْتَرَفَ بِبُطْلَانِهِ، وَالدِّينُ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ كَانَ مُعْتَرِفًا بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ، فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ (فَإِنْ أَبَى) مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (هُدِّدَ وَحُبِسَ) وَلَمْ يُقْتَلْ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمْ يُقْتَلْ كَالْبَاقِي عَلَى دِينِهِ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْتَلَ) هَذَا رِوَايَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ إِذَا ارْتَدَّ. وَفَى اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقَرُّ) هَذَا ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute