جَوَازِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ وَكَرَاهَةِ شِرَائِهِ وَإِبْدَالِهِ رِوَايَتَانِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَى حِينِ قَتْلِهِ وَيُعْتِقُهُ فَيَجْرِ وَلَاءُ وَلَدِهِ فَجَازَ كَالْمَرِيضِ، وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لَا لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَحَتِّمَ الْقَتْلِ أَشْبَهَ الْمَيْتَاتِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَصْلًا بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ زَوَالُ مَا ثَبَتَ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ، أَوِ الرُّجُوعِ مِنَ الشُّهُودِ.
الثَّالِثَةُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ الْمُنْفَصِلِ مِنْهَا، لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ كَلَبَنِ الشَّاةِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ فِي إِجَارَةِ الظِّئْرِ أَشْبَهَ الْمَنَافِعَ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّهُ مَائِعٌ خَرَجَ مِنْ آدَمِيَّةٍ كَالْعَرَقِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنَ الْآدَمِيِّ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَرَقَ لَا نَفْعَ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ عَرَقُ الشَّاةِ وَيُبَاعُ لَبَنُهَا، وَحَرُمَ بَيْعُ الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ، لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ وَقِيلَ يَجُوزُ مِنَ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا جَائِزٌ، فَكَذَا لَبَنُهَا كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا دُونَ الْحُرَّةِ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ بَيْعُ لَبَنِهَا، وَاحْتَجَّ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَضَوْا فِيمَنْ غَرَّ بِأَمَةٍ بِضَمَانِ الْأَوْلَادِ، وَلَوْ كَانَ لِلَّبَنِ قِيمَةٌ لَذَكَرُوهُ.
فَرْعٌ: الْمَنْذُورُ عِتْقُهُ - قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: - نَذْرُ تَبَرُّرٍ - الْأَشْهَرُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ وَجَبَ بِالنَّذْرِ، فَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُهُ بِبَيْعِهِ كَالْهَدِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ.
١ -
(وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ وَكَرَاهَةِ شِرَائِهِ وَإِبْدَالِهِ رِوَايَتَانِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَالَ أَحْمَدُ: لَا نَعْلَمُ فِي بَيْعِ الْمُصْحَفِ رُخْصَةً، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَدِدْتُ أَنَّ الْأَيْدِيَ تُقْطَعُ فِي بَيْعِهَا، وَلِأَنَّ تَعْظِيمَهُ وَاجِبٌ وَفِي بَيْعِهِ ابْتِذَالٌ لَهُ وَتَرْكٌ لِتَعْظِيمِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالْحَكَمِ، لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ. أَشْبَهَ كُتُبَ الْعِلْمِ، وَفِي ثَالِثَةٍ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا مُوسَى كَرِهُوا بَيْعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute