وَالْمَيْتَةِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا سِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ وَلَا الْكَلْبِ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى الْأُولَى: يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ، وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ، وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ بَذْلُهُ لِحَاجَةٍ فِي الْأَشْهَرِ، وَيُكْرَهُ شِرَاؤُهُ، وَإِبْدَالُهُ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى الْبَيْعِ الْمُتَضَمِّنِ إِذْلَالُ الْمُصْحَفِ، وَلَا يُكْرَهُ فِي أُخْرَى قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ اسْتِنْقَاذٌ لَهُ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ، وَفَارَقَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ إِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَفِي " النِّهَايَةِ " لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُصْحَفِ وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا إِبْدَالُهُ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ إِذْلَالٌ، وَالْمُصْحَفُ مُحْتَرَمٌ، فَتَنَافَيَا، وَفَارَقَ الشِّرَاءُ هُنَا شِرَاءَ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ، وَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ، لِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِهِ إِلَى أَرْضِهِمْ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ فَهَذَا أَوْلَى، وَحُكْمُ إِجَارَتِهِ كَبَيْعِهِ، لِأَنَّهَا بَيْعُ مَنْفَعَتِهِ وَيَجُوزُ وَقْفُهُ وَهِبَتُهُ، وَالْوَصِيَّةُ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِنُصُوصِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ بَيْعِ كُتُبِ الْعِلْمِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا تُبَاعُ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: يَجُوزُ نَسْخُهُ بِأُجْرَةٍ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ لِمُحْدِثٍ بِلَا حَمْلٍ وَلَا مَسٍّ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا كَافِرٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمَصَاحِفَ تَكْتُبُهَا النَّصَارَى عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ منْ كتبهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي " النِّهَايَةِ " يُمْنَعُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ شِرَاءُ كُتُبِ زَنْدَقَةٍ وَنَحْوِهَا لِيُتْلِفَهَا لَا خَمْرَ لِيُرِيقَهَا؛ لِأَنَّ فِي الْكُتُبِ مَالِيَّةَ الْوَرَقِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ بِآلَةِ اللَّهْوِ، وَسَقَطَ حُكْمُ مَالِيَّةِ الْخَشَبِ.
الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ بَيْعُ طَيْرٍ لِقَصْدِ صَوْتِهِ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ. زَادَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِنْ جَازَ حَبْسُهُ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَقِيلٍ، وَفِي " الْمُوجَزِ " لَا تَصِحُّ إِجَارَةُ مَا قُصِدَ صَوْتُهُ كَدِيكٍ وَقُمْرِيٍّ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَقٌ لِمَصِّ دَمٍ وَدِيدَانٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ، وَمَا يُصَادُ عَلَيْهِ كَبُومَةٍ شَبَاشَا فِي الْأَشْهَرِ (وَالْمَيْتَةِ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «سَمِعْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute