عِشْرِينَ نَسِيئَةً، لَمْ يَصِحَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، إِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ، كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَالْقَطِيعَ كُلُّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ، وَالثَّوْبَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ؛ صَحَّ، وإِنْ بَاعَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَعَالَةِ شَرْطٌ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ، وَالْقَبُولَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ إِلَّا عَلَى إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ فَيُعَيَّنُ مَا سُمِّيَ لَهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ، إِذِ الْعِلْمُ بِهِ فِي الْجَعَالَةِ لَيْسَ شَرْطًا مُطْلَقًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةِ كَذَا فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ (وَإِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَالْقَطِيعَ كُلُّ شَاةٍ بِدِرْهَمِ، وَالثَّوْبَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، صَحَّ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَالثَّمَنَ مَعْلُومٌ لِإِشَارَتِهِ إِلَى مَا يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ بِجِهَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْعَدَدُ وَالذرعُ، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ الصُّبْرَةِ وَالْقَطِيعِ وَالثَّوْبِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَا رَأْسُ مَالِهِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مُرَابَحَةً لِكُلِّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمٌ، فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْحِسَابِ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ فِي الْحَالِ (وَإِنْ بَاعَهُ مِنَ الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ) وَكَذَا مَعْطُوفَيْهِ (لَمْ يَصِحَّ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ " وَكَلَّ " لِلْعَدَدِ فَيَكُونُ مَجْهُولًا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الْكُلُّ لَا الْبَعْضُ فَانْتَفَتِ الْجَهَالَةُ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ الْأَشْبَهُ، كَمَا إِذَا أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ: " إِذَا بَاعَهُ مِنَ الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، صَحَّ لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا، بِخِلَافِ مِنَ الدَّارِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ إِذَا بَاعَهُ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ كُلَّهَا، وَلَا قَدْرًا مَعْلُومًا بِخِلَافِ: أَجَّرْتُكَ دَارِي كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ لِلْعِلْمِ بِهِ وَبِقِسْطِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ أَزِيدَكَ قَفِيزًا أَوْ أَنْقُصَكَهُ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَزِيدَكَ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَوَصَفَهُ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ بِهَا، صَحَّ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَقَفِيزًا مِنَ الْأُخْرَى بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ عَلِمَا جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute