الْبَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، أَوْ يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَتَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَتَفْصِيلِهِ، وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ فِي جَزِّ الرَّطْبَةِ إِنْ شَرَطَهُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسْرِ مِثْلَهُ، فَقَالَ: بِعْنِيهِ فَبِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ» ، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ بِتَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ فِيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَصَحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَمَةً مُزَوَّجَةً، أَوْ دَارًا مُؤَجَّرَةً وَنَحْوَهُمَا، وَقِيلَ: يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ لِبَائِعِهِ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاحْتَجَّ فِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الِانْتِصَارِ "، وَغَيْرِهِمَا بِشِرَاءِ عُثْمَانَ مِنْ صُهَيْبٍ أَرْضًا، وَشَرَطَ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ، وَكَحَبْسِهِ عَلَى ثَمَنِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَهُوَ التَّسْلِيمُ؛ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ أَحْمَدَ أَنْكَرَ الْخَبَرَ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْوِيًّا فِي مُسْنَدٍ، فَعَلَى الْأُولَى لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَشْهَرِ، وَلِلْبَائِعِ إِجَارَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ وَإِعَارَتُهُ كَعَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ، ثُمَّ إِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَفْرِيطِهِ، كَمَا اخْتَارَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " ضَمَّنَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ ضمانه مُطْلَقًا وَأَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي، صَحَّ كَالْمُؤَجَّرَةِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا (أَوْ يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَتَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَتَفْصِيلِهِ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ اشْتَرَى مِنْ نَبَطِيٍّ جِرْزَةَ حَطَبٍ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا. صَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.
فَرْعٌ: إِذَا تَرَاضَيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ جَازَ فِي الْأَشْهَرِ، وَهُوَ كَأَجِيرٍ مُشْتَرِكٍ فَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ أَوِ اسْتَحَقَّ، فَلِلْمُشْتَرِي عِوَضُ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute