التَّصْرِيَةَ فَلَهُ الرَّدُّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً مُتَزَوِّجَةً وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتِ التَّصْرِيَةُ في غير بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ فَلَا رَدَّ لَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: لَهُ الرَّدُّ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ اللَّبَنِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ تَدْلِيسُ سِلْعَتِهِ، وَلَا كِتْمَانُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلِمَ بِسَبَبِ الرَّدِّ، فَكَانَ لَهُ حِينَئِذٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَتَغَيُّرِ الْعَلَفِ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلَاثَةُ بَانَتِ التَّصْرِيَةُ وَثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَلَا إِمْسَاكُهَا بَعْدَهَا، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَرْضَ كَبَقِيَّةِ التَّدْلِيسِ، وَقَدَّرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمَجْدُ وَالْجَدُّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَعَلَى هَذَا لَهُ الْخِيَارُ فِي الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَى انْقِضَائِهَا عَكْسَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ بِتَبَيُّنِ التَّصْرِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَكَلَامُهُ فِي " الْكَافِي " مُوهِمٌ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي مُوسَى مِنْ حِينِ الْبَيْعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي.
(وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً) أَوْ زَالَ الْعَيْبُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ) لِأَنَّ الْخِيَارَ حصل لدفع الضَّرَر بِالْعَيْبِ، وَقَدْ زَالَ الْحُكْمُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ (فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) أَيْ: قَوْلِ الْإِمَامِ (وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَمْلِكِ) الْمُشْتَرِي (الرَّدَّ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ فِي " الْفُصُولِ ": لَا رَجْعِيًّا، وَإِنَّ فِي طَلَاقِ بَائِنٍ فِيهِ عِدَّةٌ، احْتِمَالَيْنِ (وَإِنْ كَانَتِ التَّصْرِيَةُ في غير بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ) كَالْأَمَةِ وَالْأَتَانِ (فَلَا رَدَّ لَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعْتَاضُ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَقْصِدُ قَصْدَ لَبَنِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (وَفِي الْآخَرِ لَهُ الرَّدُّ) اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْمَرْأَةِ يُرَادُ لِلِارْتِضَاعِ وَيَرْغَبُ فِيهَا ظِئْرًا، وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَطَ كَثْرَةَ لَبَنِهَا مَلَكَ الْفَسْخَ إِذَا بَانَتْ بِخِلَافِهِ، وَلَبَنُ الْأَتَانِ يُرَادُ لِوَلَدِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ اللَّبَنِ) عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُعْتَاضُ عَنْهُ عَادَةً (وَلَا يَحِلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute