إِمْضَائِهِ وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفِهِ بِمِثْلِهِ، وَعَنْهُ: فِي الصُّبْرَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ: إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ فَهو مَال الْمُشْتَرِي، وَمَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالثَّمَنِ، فَكَانَتِ الْخِيَرَةُ إِلَى الْمُشْتَرِي فِي التَّضْمِينِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْقَبْضِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، فَلَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ فِي قَدْرِهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي بَاقِيهِ.
جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ، وَفِي " الْفُرُوعِ "، هَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي بَاقِيهِ، أَوْ يَنْفَسِخُ؟ فِيهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
فَرْعٌ: إِذَا بَاعَ شَاةً بِشَعِيرٍ فَأَكَلَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ انْفَسَخَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَمْرٍ لَا يَنْتَسِبُ إِلَى آدَمِيٍّ، فَهُوَ كَتَلَفِهِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَعَنْهُ: فِي الصُّبْرَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ: إِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ فَهُوَ مَالُ الْمُشْتَرِي) نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ، وَالْجَوْزَجَانِيُّ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " هِيَ الْمَشْهُورَةُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ كَالْقَبْضِ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ:
وَعَنْهُ: أَوْ مُشَاعًا كَنِصْفِهِ، أَوْ ثُلُثِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَأَخْذِهِ بِشُفْعَةٍ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مُبْهَمًا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَرِطْلٍ مِنْ هَذِهِ الزُّبْرَةِ، فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ (وَمَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ) وَكَذَا الْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ (يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّرَاهِمِ فَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ، وَبِالْعَكْسِ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بِسِعْرِهَا يَوْمَهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute