بِمَطْبُوخِهِ وَخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّشَافِ وَعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ وَرَطْبِهِ بِرَطْبِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: تَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ سَعْدٍ، فَإِنَّ فِيهِ أَبَا عَيَّاشَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَالِكًا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ، وَهُوَ لَا يَرْوِي عَنْ مَتْرُوكِ الْحَدِيثِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِهِ بِدَقِيقِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ) لِتُسَاوِيهِمَا فِي الْحَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالنُّقْصَانِ فِي ثَانِيهِ أَشْبَهَ بَيْعَ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَقَدَّمَ فِي " التَّبْصِرَةِ " خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْكَمَالِ، وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِالطَّحْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَيْلًا؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مَكِيلَةٌ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَزْنًا لِأَنَّهُ أَضْبَطُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَلَّمَهُ فِي السَّوِيقِ، وَالدَّقِيقُ مِثْلُهُ، وَشَرْطُهُ التَّسَاوِي فِي النُّعُومَةِ؛ لِأَنَّهُمَا إِذَا تَفَاوَتَا فِيهَا فِي الْحَالِ تَفَاوَتَا فِي ثَانِيهِ فَيَصِيرُ كَبَيْعِ الْحَبِّ بِالدَّقِيقِ (وَمَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ) كَاللِّبَأِ، وَالْجُبْنِ، وَالْأَقِطِ، وَالسَّمْنِ بِمِثْلِهِ مُتَسَاوِيًا.
وَقِيلَ: إِنِ اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ النَّارِ فَأَمَّا الْأَقِطُ بِالْأَقِطِ فَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهمَا بِالْكَيْلِ، وَالْجُبْنِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ، وَفِيهِ احْتِمَالُ يُبَاعُ السَّمْنُ بِالْكَيْلِ كَالشَّيْرَجِ (وَخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّشَافِ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ رُطُوبَةً مِنَ الْآخَرِ لَا يَحْصُلُ التَّسَاوِي الْمُشْتَرَطُ، وَالِاسْتِوَاءُ فِي النُّشَافِ رَاجِعٌ إِلَى الْمَطْبُوخِ، وَالْخَبْزُ إِذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحَيْنِ "، فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي في الخبز وَزْنًا كَالنَّشَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِهِ عَادَةً، وَلَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ، لَكِنْ إِنْ يَبِسَ وَدُقَّ وَصَارَ فَتِيتًا بِيعَ بِمِثْلِهِ كَيْلًا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ كَيْلُهُ فَرُدَّ إِلَى أَصْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِيهِ وَجْهٌ يُبَاعُ بِالْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ (وَعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْحَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْصِ وَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا فِي الْكَيْلِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِهِ عَادَةً، فَلَوْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ، فَلَوْ بَاعَ عَصِيرَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِثُفْلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُسْتَخْرَجِ كَشَيْرَجٍ بِكُسْبٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَلَى مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ جَازَ مُطْلَقًا (وَرَطْبِهِ بِرَطْبِهِ) كَالرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ بِمِثْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute