رَأْسِ مَالِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ، ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ، وَإِنْ تَقَابَضَا ثُمَّ افْتَرَقَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ رَدِيئًا فَرَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى إِنْ قَبَضَ عِوَضَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَجْلِسَ، كَتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ، فَلَوْ فَارَقَ الْمَجْلِسَ فَسَدَ الصَّرْفُ، وَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بَطَلَ الْعَقْدُ يُوهِمُ وُجُودَ عَقْدٍ، ثُمَّ بُطْلَانَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْقَبْضُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ إِلَّا بِهِ.
وَلِهَذَا قَالَ الْخِرَقِيُّ: فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَسَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ) فِي الْمَجْلِسِ (ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ) فَقَطْ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَا صَرْفَ بَيْنَهُمَا فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَمَا قَبَضَ فَفِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْبُطْلَانُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، فَلَوْ صَارَفَ رَجُلًا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ لَمْ يَجُزْ تَفَرُّقُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ قَبَضَ الْخَمْسَةَ، ثُمَّ افْتَرَقَا، فَعَلَى مَا سَبَقَ، فَإِنْ أَرَادَ صِحَّةَ الْعَقْدِ، فَسَخَا الصَّرْفَ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ عِوَضُهُ، أَوْ يَفْسَخَانِ الْعَقْدَ كُلَّهُ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ نِصْفَ الدِّينَارِ بِخَمْسَةٍ وَيَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الدِّينَارَ كُلَّهُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ لَهُ، وَالْبَاقِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ.
فَرْعٌ: إِذَا تَخَايَرَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ إِنْ قِيلَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَبْقَ فِيهِ خِيَارٌ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْفُرْقَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الشَّرْطَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَقَدْ وُجِدَ (وَإِنْ تَقَابَضَا، ثُمَّ افْتَرَقَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ رَدِيئًا فَرَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَمْعٌ؛ لِأَنَّ قَبْضَ مَالِ الصَّرْفِ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ لِتَفَرُّقِهِمَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالسَّوَادِ فِي الْفِضَّةِ، وَالْوُضُوحِ فِي الذَّهَبِ، وَمَا إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالرَّصَاصِ فِي الْفِضَّةِ وَنَحْوِهِ، وَالْمَذْهَبُ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَحَمَلَهُ فِي " الشَّرْحِ " عَلَى الْأَخِيرِ، وَشَرَطَ فِي " الْمُغْنِي " كَوْنَ الْعَيْبِ مِنَ الْجِنْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute