فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنْ رَدَّ بَعْضَهُ، وَقُلْنَا: يَبْطُلُ فِي الْمَرْدُودِ فَهَلْ يَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: يَجِبُ حَمْلُ لَفْظِهِ هُنَا عَلَى ذَلِكَ إِذَا قُلْنَا: قَبْضُ الْبَدَلِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِهِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَقُومُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ (وَالْأُخْرَى: إِنْ قَبَضَ عِوَضَهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ لَمْ يَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ عِوَضِهِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (وَإِنْ رَدَّ بَعْضَهُ وَقُلْنَا: يَبْطُلُ فِي الْمَرْدُودِ، فَهَلْ يَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصَّرْفَ يَقَعُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ، أَوْ خَبَرِ صَاحِبِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ دِينَارًا مِصْرِيًّا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ نَاصِرِيَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ مُعَيَّنًا دُونَ الْآخَرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ إِذَا تَقَابَضَا، ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فِيمَا قَبَضَهُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَالصَّرْفُ فِيهِ بَاطِلٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْقُودَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَهَذَا هُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُتَعَذِّرٌ لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِالْعَيْنِ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ هَذَا الْبَغْلَ، فَإِذَا هُوَ حِمَارٌ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَلَهُ رَدُّهُ، وَأَخْذُ الْبَدَلِ، وَعَنْهُ: يَقَعُ لَازِمًا، فَلَا رَدَّ، وَلَا بَدَلَ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: إِنْ ظَهَرَ الْبَعْضُ مَعِيبًا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَهَلْ يَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ؟ فِيهِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ فَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ وَجَعْفَرٌ بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ، وَالْإِمْسَاكِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ الْبَدَلِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا، لِأَنَّ الْمَبِيعَ تَعَلُّقٌ بِعَيْنِهِ فَيَفُوتُ بِفَوَاتِهِ، وَإِنِ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَلَهُ ذَلِكَ. وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّدِّ وَمَنَعَ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute