وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي الثَّمَرَةِ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي تَبْقِيَتُهُ إِلَى الْحَصَادِ وَالْجِدَادِ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ إِنِ احْتَاجَ إلى ذَلِكَ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَتَمَيَّزَا: أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِمَا، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي، وَالْأَصْلُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَهُمَا سَبَبُ الزِّيَادَةِ فَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْأَخْذِ، فَالزِّيَادَةُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ لِلْمُشْتَرِي كَالْعَبْدِ إِذَا سَمِنَ، وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ بِالِاشْتِرَاكِ فِيهَا على الاستحباب (وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقَانِ بِهَا) عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فِيهَا وُجُوبًا، وَفِي " الْمُغْنِي " يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْبَابًا، فَإِنْ أَبَيَا الصَّدَقَةَ بِهَا اشْتَرَكَا فِيهَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ زَكَّاهُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ صَحَّ، فإن اتفقا عَلَى التَّبْقِيَةِ جَازَ وَزَكَّاهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ قُلْنَا: الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا، فَعَلَيْهِمَا إِنْ بَلَغَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابًا، وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْقَطْعِ، أَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ فَسَخْنَا الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ إِلْزَامَ الْبَائِعِ بِالتَّبْقِيَةِ يَضُرُّ بِنَخْلِهِ، وَتَمَكُّنَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَطْعِ يَضُرُّ بِالْفُقَرَاءِ وَيَعُودُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَيُزَكِّيهِ، وَفِي إِلْزَامِ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْقِيَةِ إِنْ بَذَلَهَا الْبَائِعُ وَجْهَانِ، وَهَذَا إِذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ فِيمَا يُقْطَعُ قَبْلَ كَمَالِهِ لِحَاجَةٍ عُشْرُهُ رُطَبًا، فَإِنْ قُلْنَا: يَخْرُجُ يَابِسًا، فَلَا يُفْسَخُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ ".
فَرْعٌ: إِذَا اشْتَرَى خَشَبًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَتَرَكَهُ حَتَّى زَادَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَيَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: هِيَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: الْكُلُّ، وَقِيلَ: لِلْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ.
(وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ: طَابَ أَكْلُهُ وَظَهَرَ نُضْجُهُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " بِظُهُورِ مُبَادِي الْحَلَاوَةِ (جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَالِاشْتِدَادِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّلَ الْأَصْلَ خَوْفَ التَّلَفِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ هُنَا (وَلِلْمُشْتَرِي تَبْقِيَتُهُ إِلَى الْحَصَادِ، وَالْجِدَادِ) ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِيهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ تَعْجِيلَ قَطْعِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ "، وَغَيْرِهِ (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute