تَضَرَّرَ الْأَصْلُ، وَإِنْ تَلَفَتْ بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَعَنْهُ: إِنْ أُتْلِفَتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيْهِ تَسْلِيمُ ذَلِكَ كَامِلًا، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَ الْأَصْلَ، وَعَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ سَقْيُهَا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا (وَإِنْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ) ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ سُقُوطُهُ عِنْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ تَلَفَتْ بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ) الْجَائِحَةُ كُلُّ آفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا صُنْعَ لِلْآدَمِيِّ فِيهَا كَالرِّيحِ، وَالْحَرِّ، وَالْبَرَدِ، وَالْعَطَشِ فَكُلُّ مَا تُهْلِكُهُ مِنْ عَلَى أُصُولِهِ قَبْلَ أَوَانِ جَدِّهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» ، وَعَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ !» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ أَعْدُهُ، وَلَوْ كُنْتُ قَائِلًا بِوَضْعِهَا لَوَضَعْتُهَا فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ قُلْنَا: الْحَدِيثُ ثَابِتٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الشَّجَرِ لَيْسَ بِقَبْضٍ تَامٍّ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ عَلَى الشَّجَرِ كَالْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا، ثُمَّ لَوْ تَلِفَتِ الْمَنَافِعُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْآجِرِ، كَذَا هُنَا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتَ أَخْذِهَا، فَلَوْ بَلَغَتْ جَدَّهَا، فَلَمْ يَجِدَّهَا حَتَّى تَلِفَتْ، فَقَالَ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَ " الْفُرُوعِ " لَا يُوضَعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ مَعَ أَصْلِهِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ. قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَ " الْفُرُوعُ "، أَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَتَلِفَتْ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ إِمْكَانِ قَطْعِهَا.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهَا بِالنَّخْلِ، فَقَالَ: إِنَّمَا الْجَوَائِحُ فِي النَّخْلِ بِأَمْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute