الثُّلْثُ فَصَاعِدًا ضَمَنَهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَمَاوِيٍّ، وَفِي نَهْبِ عَسْكَرٍ وَإِحْرَاقِ لِصٍّ وَنَحْوِهِ وَجْهٌ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْجَائِحَةِ وَكَثِيرِهَا إِلَّا أَنَّ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَنْضَبِطُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ (وَعَنْهُ: إِنْ أُتْلِفَتِ الثُّلْثُ ضَمَنَهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَا) جَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ "؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهَا وَتَنْثُرُ الرِّيحُ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ضَابِطٍ، وَالثُّلْثُ قَدِ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا.
قَالَ الْأَثْرَمُ: قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الثُّلْثَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، وَلِأَنَّ الثُّلْثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَمَا دُونَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّصُّ فَعَلَيْهَا يُعْتَبَرُ ثُلْثُ الثَّمَرَةِ قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: ثُلْثُ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ: ثُلْثُ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَلِفَ الثُّلْثُ فَمَا زَادَ رَجَعَ بِقِسْطِهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَعَلَى الْأُولَى إِنْ تَلِفَ بِشَيْءٍ خَارِجٍ عَنِ الْعَادَةِ وُضِعَ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الذَّاهِبِ، وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ بِهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ خُيِّرَ بَيْنَ إِمْضَاءٍ مَعَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدٍّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ كَامِلًا، وَمَا لَهُ أَصْلٌ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ كَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ فَكَشَجَرٍ وَثَمَرُهُ كَثَمَرِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا، لَكِنْ لَا يُؤَخِّرُ الْبَائِعُ اللَّقْطَةَ الظَّاهِرَةَ، ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا تُبَاعُ إِلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً كَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَجَوَّزَهُ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا بَدَا كَثَمَرٍ.
لَوَاحِقُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الزَّرْعِ إِذَا تَلِفَ، وَفِي " الْكَافِي "، وَ " الْمُحَرَّرِ " بَلَى كَالثَّمَرَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إِلَّا بَعْدَ تَتِمَّةِ صَلَاحِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَإِذَا تَرَكَهُ فَرَّطَ، يَضْمَنُهُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَفِي " الرَّوْضَةِ "، وَغَيْرِهَا: إِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَهُوَ اشْتِدَادُ حَبِّهِ فَلَهُ تَرْكُهُ إِلَى حِينِ حَصَادِهِ. وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": إِذَا تَلِفَ الْبَاقِلَاءُ، وَالْحِنْطَةُ فَوَجْهَانِ الْأَقْوَى يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ، فَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فَزَرَعَهَا فَتَلِفَ، فَلَا جَائِحَةَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَمْ يَبِعْهُ إِيَّاهُ، وَلِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَرْضِ بَاقِيَةٌ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ثُبُوتَهَا فِي زَرْعٍ مُسْتَأْجَرٍ وَحَانُوتٍ نَقَصَ نَفْعُهُ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute