ذِكْرُهُ، وَيَكُونُ الْوَفَاءُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ، فَإِنْ شَرَطَ الْوَفَاءَ فِيهِ كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ شَرَطَهُ فِي غَيْرِهِ صَحَّ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا أَخْذُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ وَلَا الْحَوَالَةُ بِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ لِمَنْ هُوَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُشْتَرَطُ وَيُوَفَّى بِأَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إِلَيْهِ (وَ) يَجِبُ أَنْ (يَكُونَ الْوَفَاءُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ الْمُشَاحَحَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ فِي مَكَانِهِ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ وَلَهُ أَخْذُهُ فِي غَيْرِهِ إِنْ رَضِيَا فَلَوْ قَالَ: خُذْهُ، وَأُجْرَةُ حَمْلِهِ مِثْلُهُ إِلَى مَوْضِعِ الْوَفَاءِ، لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ الْقَاضِي: كَأَخْذِ بَدَلِ السَّلَمِ (فَإِنْ شَرَطَ الْوَفَاءَ فِيهِ) أَيْ: فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ، صَحَّ (وَكَانَ تَأْكِيدًا) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَشْبَهَ شَرْطَ الْحُلُولِ فِي الثَّمَنِ (وَإِنْ شَرَطَهُ فِي غَيْرِهِ، صَحَّ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، فَصَحَّ شَرْطُ الْإِيفَاءِ مَكَانَهُ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ) قَطَعَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسْلِمَهُ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ.
فَرْعٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فِي تَعْيِينِهِ مَعَ يَمِينِهِ، فَلَوْ قَالَ: هَذَا الَّذِي أَقْبَضْتَنِي، وَهُوَ مَعِيبٌ، فَأَنْكَرَ قُدِّمَ قَوْلُ الْقَابِضِ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ «لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ» ، وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالطَّعَامِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّرِكَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ (وَلَا هِبَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا نَقْلٌ لِلْمِلْكِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ (وَلَا أَخْذُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ» . وَلِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ بَيْعٌ لَهُ، فَلَمْ يَجُزْ كَبَيْعِهِ لِغَيْرِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا، أَوْ مَعْدُومًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (وَلَا الْحَوَالَةُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ، وَالسَّلَمُ بِعَرْضِيَّةِ الْفَسْخِ، وَلِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْفَسْخِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُحِيلَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ بِمَا عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى مَنْ لَهُ مِثْلُهُ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَدَلِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا عَلَيْهِ، كَمَا إِذَا أَحَالَ الْمُسْلَمُ بِمَا لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute