ذِمَّتِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ، وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ، وَتَجُوزُ فِي بَعْضِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِذَا قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ، أَوْ عِوَضَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَدَلِ مُتْلَفٍ، وَلَوْ بِرَأْسِ مَالٍ سُلِّمَ بَعْدَ فَسْخِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ) كَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ دُخُولٍ وَأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا، أَوْ فَرَغَتْ مُدَّتُهَا وَقِيمَةُ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ (لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَبِيعُ الْأَبْعِرَةَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ، وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّرَاهِمَ وَبِالدَّرَاهِمِ، وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ، وَغَيْرُهُ يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَفِي بَيْعِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ، لَا رَأْسَ مَالَ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِهِ فِي الْمَنْصُوصِ (بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْبِضْ صَارَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَهَذَا إِنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، أَوْ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ: بَلَى (وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، لأنه غير قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ مِنْهُمَا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " عَنْ صَاحِبِهِ كَدَيْنِ السَّلَمِ، وَفِي " الْمُبْهِجِ "، وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ يَصِحُّ فِيهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ.
فَرْعٌ: لَا تَصِحُّ هِبَةُ دَيْنٍ لِغَيْرِ غَرِيمٍ. وَنَقَلَ حَرْبٌ صِحَّتَهُ وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَتَيْنِ فِيهِ، وَفِي بَيْعِهِ مِنْ (غَيْرِهِ وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي) دَيْنِ (السَّلَمِ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَرَفْعٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَكَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي جَوَازِهَا فِيهِ رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مِنْهُ إِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا، وَإِلَّا صَحَّتِ الْإِقَالَةُ فِي كُلِّهِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي كُلِّهِ، وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا (وَتَجُوزُ فِي بَعْضِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَكُلُّ مَنْدُوبٍ إِلَيْهِ جَازَ فِي الْجَمِيعِ جَازَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute