فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ، وَإِنِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِإِقَالَةٍ أَوَ غَيْرِهَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ، وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جَنْسِهِ فَقَالَ لِغَرِيمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِكَ فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ وَهَلْ يَقَعُ قَبْضُهُ لِلْآمِرِ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَعْضِ كَالْإِبْرَاءِ، وَالْإِنْظَارِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تَجُوزُ، وَقَدْ رُوِيَتْ كَرَاهَتُهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، لِأَنَّ السَّلَمَ يَقِلُّ فِيهِ الثَّمَنُ مِنْ أَجْلِ التَّأْجِيلِ، فَإِذَا فُسِخَ فِي الْبَعْضِ بَقِيَ الْبَعْضُ بِالْبَاقِي مِنَ الثَّمَنِ وَبِمَنْفَعَتِهِ الْجُزْءُ الَّذِي فُسِخَ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ (إِذَا قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ) إِنْ كَانَ مَوْجُودًا (أَوْ عِوَضَهُ) إِنْ كَانَ مَعْدُومًا (فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْبِضْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ يَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ بِقَدْرِ السَّلَمِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَالْأَشْهُرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (وَإِنِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِإِقَالَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) . قَالَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مِنْ أَسْلَمِ فِي شَيْءٍ، فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ» . وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ، وَلِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ بِعَقْدِ السَّلَمِ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقَرْضِ؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ عَادَ إِلَيْهِ بِفَسْخِ الْعَقْدِ، فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَضْمُونٌ بِالْعَقْدِ بَعْدَ فَسْخِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ ثَمَنًا فِي شَيْءٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْعِوَضِ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَخْذُ النَّوْعِ مِنَ النَّوْعِ فِي السَّلَمِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَلَأَنْ يَجُوزَ أَخْذُ النَّوْعِ عَنْ نَوْعٍ آخَرَ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ، وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ لِغَرِيمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ حَوَالَةٌ بِهِ، وَالْحَوَالَةُ بِالسَّلَمِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (وَهَلْ يَقَعُ قَبْضُهُ لِلْآمِرِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ أَشْبَهَ قَبْضَ وَكِيلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute