للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَيْنِ وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ صَحَّ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنِ اكْتَالَهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْكِيَالِ وَسَلَّمَهُ إِلَى غَرِيمِهِ فَقَبَضَهُ، صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا، وَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَكَمَا لَوْ نَوَى الْمَأْمُورُ الْقَبْضَ لِلْآمِرِ، وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ نَائِبًا لَهُ فِي الْقَبْضِ، فَلَمْ يَقَعْ لَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَعَلَيْهِ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُسْلِمِ إِلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: احْضُرْ كَيْلَهُ لِأَقْبِضَهُ لَكَ فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِلثَّانِي، وَهَلْ يَكُونُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أولهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ وُجِدَ مِنْ مُسْتَحَقِّهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى الْقَبْضَ لِنَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا إِذَا قَبَضَهُ لِلْآخَرِ، صَحَّ (وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ أَقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ، صَحَّ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِنَابَةٌ فِي قَبْضِهِ لَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ لِمُوكِّلِهِ جَازَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَالْأُخْرَى: لَا يَصِحُّ، فَلَوْ قَالَ الْآمِرُ: أَحْضِرْنَا حَتَّى أَكَتَالَهُ لِنَفْسِي، ثُمَّ تَكْتَالَهُ أَنْتَ وَفَعَلَا، صَحَّ (وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا الْجَوَازُ وَبِهِ جَزَمَ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ عَلِمَهُ وَشَاهَدَ كَيْلَهُ، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ كَيْلِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ» . أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا (وَإِنِ اكْتَالَهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمِيكَالِ وَسَلَّمَهُ إِلَى غَرِيمِهِ فَقَبَضَهُ، صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدِ اكْتَالَهُ حَقِيقَةً، وَالثَّانِي حَصَلَ لَهُ اسْتِمْرَارُ الْكَيْلِ وَاسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ، كَمَا أَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ زِيَادَةٌ بِابْتِدَائِهِ، فَلَا مَعْنَى لَهُ (وَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ) ، وَكَذَا كُلُّ دَيْنٍ (جُزَافًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) : أَيْ: قَوْلُ الْقَابِضِ مَعَ يَمِينِهِ (فِي قَدْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِكَيْلِهِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلزَّائِدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيَدُهُ عَلَى الْبَاقِي قِيلَ: يَدُ أَمَانَةٍ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>