جُزَافًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ كَيْلًا، أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ، وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَبَضَهُ عَلَى أَنَّ عِوَضُ عُمَّالِهِ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ عَيْنًا، وَقَالَ: خُذْ حَقَّكَ مِنْهَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا، وَلَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا (وَإِنْ قَبَضَهُ كَيْلًا، أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ، وَالْآخَرُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِكَيْلِ مَا قَبَضَهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ غَيْرَ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " كَغَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ إِذَا ادَّعَى مَا يُغْلَطُ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ وَجَدَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ. قَالَهُ جَمَاعَةٌ.
فَرْعٌ: مَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ، ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ لَهُ، ضَمَنَهُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالٍ غَيْرِهِ لَمْ يُبَادِرْ إِلَى إِيجَابِ ضَمَانِهِ حَتَّى يُفَسِّرَ أَنَّهُ عُدْوَانٌ وَمَنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ، أَوْ صَرْفِهِ، أَوِ الْمُضَارَبَةِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَا يَبْرَأُ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَفِي " النِّهَايَةِ " عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا إِنْ عَزَلَهُ وَضَارَبَ بِهِ (وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا وَنَقَلَهَا الْمَرْوَزِيُّ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وابن عبدوس وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَرُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، إِذْ وَضْعُ الرَّهْنِ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنَ الْغَرِيمِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَلَا مِنْ ذِمَّةِ الضَّامِنِ حِذَارًا مِنْ أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي " لَا يَصْرِفُهُ " رَاجِعٌ إِلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ وَيُسْلِمُهُ وَيَشْتَرِيهِ الضَّامِنُ وَيُسْلِمُهُ لِئَلَّا يَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ: يَجُوزُ، وَاخْتَارَهَا الْمُؤَلِّفُ وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: ٢٨٢] إِلَى قَوْلِهِ: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَابْنُ عُمَرَ: السَّلَمُ مُرَادٌ مِنْهَا وَدَاخِلٌ فِيهَا فَهِيَ كَالنَّصِّ فِيهِ، وَالْكَفِيلُ كَالرَّهْنِ بِجَامِعِ الْوَثِيقَةِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْبَيْعِ فَجَازَ التَّوْثِقَةُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ، وَحِكَايَتُهُ عَنْهُمَا فِي " الْمُغْنِي " الْكَرَاهَةُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْهُمَا، فَعَلَيْهَا لِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَيُّهُمَا قَضَاهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute