اسْتِرْجَاعَهُ وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ وَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّبْ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ، وَلَا هُوَ مِنَ الْمَرَافِقِ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ يَقْتَرِضَ جَارِيَةً يَطَؤُهَا، ثُمَّ يَرُدُّهَا وَيَحْتَمِلُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ، فَيَصِحُّ قَرْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْمُزَنِيِّ، لِأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ سَلَمًا، فَصَحَّ قَرْضُهُ كَسَائِرِ الْبَهَائِمِ، وَقِيلَ: قَرْضُ الْعَبْدِ لَا الْأَمَةِ إِلَّا أَنْ يُقْرِضَهُنَّ مِنْ مَحَارِمِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْقَرْضِ ضَعِيفٌ لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ رَدِّهَا عَلَى الْمُقْرِضِ، فَلَا يُسْتَبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ كَالْمِلْكِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَقْدٌ نَاقِلٌ فَاسْتَوَى فِيهِ الْعَبْدُ، وَالْأَمَةُ، وَلَا نُسَلِّمُ ضَعْفَ الْمِلْكِ فِيهِ، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ زَمَنَ الْخِيَارِ، وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهَا فِي وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ، فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْمِثْلِ، وَمُقْتَضَى الْقَرْضِ رَدُّ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: بَلَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَظَاهِرُ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ، وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " كَالْمُقْنِعِ.
فَرْعٌ: سَأَلَهُ أَبُو الصَّقْرِ: عَيْنٌ بَيْنَ أَقْوَامٍ لَهُمْ نَوْبٌ فِي أَيَّامٍ يَقْتَرِضُ الْمَاءَ مِنْ نَبوةِ صَاحِبِ الْخَمِيسِ لِيَسْقِيَ بِهِ لِيَرِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ قَالَ: إِذَا كَانَ مَحْدُودًا يَعْرِفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ، وَإِلَّا أَكْرَهُهُ (وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ بِالْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقَدٌ يَقِفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ، فَوَقْفُ الْمِلْكِ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ وَيَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَلَهُ الشِّرَاءُ بِهِ مِنْ مُقْرِضِهِ نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَيَلْزَمُ مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ بِقَبْضِهِ، وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ.
(فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ اسْتِرْجَاعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ، فَلَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ فِيهِ كَالْمَبِيعِ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مُلْكَهُ عَنْهُ بِعِقْدٍ لَازِمٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ (وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ) أَيْ: فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا فَكَانَ لَهُ طَلَبُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ، وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ، أَوِ الْقِيمَةِ فَكَانَ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقْرَضَهُ تَفَارِيق، ثُمَّ طَالَبَهُ بِهَا جُمْلَةً كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ حَالٌّ وَكَالْبَيْعِ (وَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ عَلَيْهِ) بِعَيْنِهِ (لَزِمَهُ قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute