يَكُنْ فُلُوسًا، أَوْ مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمُهَا السُّلْطَانُ فَتَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا، وَفِيمَا سِوَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى صِفَةِ حَقِّهِ فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ كَالسَّلَمِ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ سِعْرُهُ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا اقْتَرَضَهُ بَدَلَهُ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمِثْلِيِّ وَذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: (مَا لَمْ يَتَغَيَّبْ) كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ، أَوْ عَفِنَتْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي قَبُولِهِ ضَرَرًا؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ. الثَّانِي: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ تَكُنْ فُلُوسًا، أَوْ مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمُهَا السُّلْطَانُ) أَيْ: يَتْرُكُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْعَيْبِ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا (فَتَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إِنْ جَرَى فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ (وَقْتَ الْقَرْضِ) سَوَاءٌ كَانَتْ بَاقِيَةً، أَوِ اسْتَهْلَكَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُكَسَّرَةِ.
فَقَالَ: يُقَوِّمُهَا كَمْ تُسَاوِي يَوْمَ أَخْذِهَا، ثُمَّ يُعْطِيهِ وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَقِيلَ: لَهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّ لَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ فَسَدَتْ وَتُرِكَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهَا مَا دَامَتْ نَافِقَةً، فَلَمَّا فَسَدَتِ انْتَقَلَ إِلَى قِيمَتِهَا، كَمَا لَوْ عَدَمَ الْمِثْلَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ نَفَقَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَزِمَهُ أَخْذُهَا، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا فَلَهُ قِيمَتُهَا، وَقِيلَ: إِنْ رَخُصَتْ فَلَهُ الْقِيمَةُ، وَنَصُّهُ - وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " - إِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهَا إِذَا رَخُصَتْ.
تَنْبِيهٌ: الْمَغْشُوشَةُ، إِذْ خَرَمَهَا السُّلْطَانُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِيمَا إِذَا كَانَتْ ثَمَنًا، وَظَاهِرُ " الْفُرُوعِ " فِيهِ قَوْلَانِ: لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ، كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، أَوْ يَوْمَ فَسَدَتْ، وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ، أَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ هُوَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ (وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ) إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ، وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ، فَكَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ شَبَهًا بِالْقَرْضِ مِنِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ أَعْوَزَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute