ذَلِكَ وَجْهَانِ وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا، وَإِنْ أَجَّلَهُ وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمِثْلَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْوَازِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (وَالْقِيمَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا) إِذَا قِيلَ بِجَوَازِ قَرْضِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَلَا مِثْلَ لَهَا لِكَوْنِهَا لَا تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهَا (وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: يَرُدُّ الْقِيمَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْإِتْلَافِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَرْضِ. والثَّانِي: يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي السَّلَمِ ثَبَتَ فِي الْقَرْضِ كَالْمِثْلِيِّ بِخِلَافِ الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ أَخْصَرُ، وَلَا مُسَامِحَةَ فِيهِ وَيُعْتَبَرُ فِي مِثْلِ صِفَاتِهِ تَقْرِيبًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَعَذُّرِهِ، لَكِنْ لَوِ اقْتَرَضَ خُبْزًا، أَوْ خَمِيرًا عَدَدًا وَرَدَّ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا، كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ صَغِيرًا يَقْصِدُ أَنْ يُعْطِيَهُ كَبِيرًا (وَيَثْبُتَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مَقْبُوضٌ أَشْبَهُ عِوَضَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا (حَالًّا، وَإِنْ أَجَّلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ مِنَ التَّفَاضُلِ فَمُنِعَ الْأَجَلُ فِيهِ كَالصَّرْفِ، إِذِ الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ بِالتَّأْجِيلِ، وَهُوَ عِدَةٌ وَتَبَرُّعٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: الْقَرْضُ حَالٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ، وَخَالَفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ.
وَذَكَرَهُ وَجْهًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . وَكُلُّ دَيْنٍ حَالٌّ كَالْقَرْضِ.
(وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ، وَالضَّمِينِ فِيهِ) ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْتَقْرَضَ مِنْ يَهُودِيٍّ شَعِيرًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ شَرْطُهُ، وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّوَثُّقِ بِالْحَقِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute