عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ إِلَّا الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَصَرَّفٌ يُبْطِلُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْوَثِيقَةِ، وَلَيْسَ بِمَبْنِيٍّ عَلَى السِّرَايَةِ، وَالتَّغْلِيبِ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَفَسْخِ الرَّهْنِ، فَأَمَّا انْتِفَاعُهُ بِهِ كَاسْتِخْدَامٍ وَنَحْوِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ مَحْبُوسَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَالْمَبِيعِ الْمَحْبُوسِ عِنْدَ الْبَائِعِ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ، لَكِنْ لَا يُمْنَعُ مِنْ سَقْيِ شَجَرٍ وَتَلْقِيحٍ وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ عَلَى إِنَاثٍ مَرْهُونَةٍ وَمُدَاوَاةٍ وَفَصْدٍ بَلْ مِنْ قَطْعِ سِلْعَةٍ فِيهَا خَطَرٌ وَحِينَئِذٍ إِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْمَنَافِعِ لَمْ يَجُزِ الِانْتِفَاعُ وَكَانَتْ مُعَطَّلَةً وإن اتفقا عَلَى الْإِجَارَةِ، أَوِ الْإِعَارَةِ جَازَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَالْأُجْرَةُ رَهْنٌ.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي " الْخِلَافِ " أَنَّهَا تُعَطَّلُ مُطْلَقًا وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لِلرَّاهِنِ الِانْتِفَاعُ بِمَا لَا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ ولا يضره كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى، فَإِنْ أَرَادَ غَرْسَ الْأَرْضِ - وَالدَّيْنُ حَالٌّ - مُنِعَ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَاحْتِمَالَانِ (إِلَّا الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ) يَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْوَثِيقَةِ وَ (يَنْفُذُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ شَرِيكٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، لِأَنَّهُ إِعْتَاقٌ مِنْ مَالِكٍ تَامِّ الْمِلْكِ فَنُفِّذَ كَعِتْقِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ مَحْبُوسَةٌ لِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَنَفَذَ فِيهَا عِتْقُ الْمَالِكِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ بَائِعِهِ، وَالْعِتْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّرَايَةِ، وَالتَّغْلِيبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْفُذُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَفِي مِلْكِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا (تُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الْوَثِيقَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ وَيُعْتَبَرُ حَالُ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ فَجُعِلَتْ (رَهْنًا مَكَانَهُ) ؛ لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنِ الْعَيْنِ، أَوْ بَدَلٌ عَنْهَا، وَكَذَا حُكْمُ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصَاصٍ اسْتَحَقَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ بِلَا إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ وَكَذَّبَهُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ تَكُونُ رَهْنًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ أَيْسَرَ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ أُخِذَتْ مِنْهُ فَجُعِلَتْ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ تَعْجِيلَ الْحَقِّ فَيَقْضِيَهُ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ حُلُولِ الْحَقِّ طُولِبَ بِالدَّيْنِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute