رَهْنًا مَكَانَهُ، وَيُحْتَمَلُ وعنه: لَّا يَنْفُذَ عِتْقُ الْمُعْسِرِ. وليس عليه تزويج الأمة المرهونة فإن فعل لم يصح. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا، وَمَهْرُهَا رَهْنٌ مَعَهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَإِنْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ فَأَوْلَدَهَا خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَبْرَأُ بِهِ مِنَ الْحَقَّيْنِ مَعًا (وَعَنْهُ: لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُعْسِرِ) ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الْهِدَايَةِ " احْتِمَالًا، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " تَخْرِيجًا؛ لِأَنَّ نُفُوذَ عِتْقِهِ يُسْقِطُ الْوَثِيقَةَ وَبَدَلَهَا، فَلَمْ يَنْفُذْ لِمَا فِيهِ مِنِ الْإِضْرَارِ بِالْمُرْتَهِنِ وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَهُوَ مُعْسِرٍ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَسْتَسْعِي الْعَبْدَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِيجَابَ الْكَسْبِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا صُنْعَ، وَلَا جِنَايَةَ مِنْهُ فَكَانَ إِلْزَامُ الْغُرْمِ لِلْمُتْلِفِ أَوْلَى وَقِيلَ: وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ غَيْرِهِ، وَذَكَرَهَ فِي " الْمُبْهِجِ " رِوَايَةً وَإِذَا لَمْ نَقْلُ بِالنُّفُوذِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَعْدَ زَوَالِ الرَّهْنِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَأْذَنِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ أَذِنَ، صَحَّ الْعِتْقُ وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنَ الْوَثِيقَةِ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَعَلِمَ الرَّاهِنُ بِهِ بَطَلَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَكَذَا يَصِحُّ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ أُذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا قُدِّمَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَوَارِثِهِ فِي نَفْيِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ إِلَّا أَنَّ الْوَارِثَ يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَنْ نكل قُضِيَ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْوَقْفَ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. ١
(وَقَالَ الْقَاضِي) وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ رِوَايَةً (لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ) الْمَرْهُونَةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ عَقْدِ النِّكَاحِ غَيْرَ مَحَلِّ عَقْدِ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ رَهْنِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَلَمْ يَمْنَعِ التَّزْوِيجَ كَالْإِجَارَةِ (وَيَمْنَعُ) الْمُرْتَهِنُ (الزَّوْجَ مِنْ وَطْئِهَا) ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بُقُولِهِ: دُونَ تَسْلِيمِهَا لِئَلَّا تَحْبَلَ فَتَنْقُصَ قِيمَتُهَا وَتَقِلَّ الرَّغْبَةُ فِيهَا وَرُبَّمَا تَلِفَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ (وَمَهْرُهَا رَهْنٌ مَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّهْنِ فَكَانَ رَهْنًا (وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُذْهِبُ رَغَبَاتِ الْمُشْتَرِينَ فِيهَا فَيُوجِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا، فَلَمْ يَمْلِكْهُ الرَّاهِنُ كَفَسْخِ الْعَقْدِ، وَلَا نُسَلِّمُ تَغَايُرَ الْمَحَلَّيْنِ بَلْ مَحَلُّهُمَا وَاحِدٌ وَتَتَنَاوَلُ الْجُمْلَةَ، وَإِنَّمَا صَحَّ رَهْنُ الْمُزَوَّجَةِ لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلْبَيْعِ، كَمَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالرَّهْنُ يُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ التَّزْوِيجَ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute