للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدِ الْمُرْتَهِنِ إِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَا يَتَضَمَّنُ زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَائِهَا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً فِيهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَكَفَنُهُ إِنْ مَاتَ) كبقية مؤنة تَجْهِيزُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَابِعٌ لِمُؤْنَتِهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ غُرْمِهِ (وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ إِنْ كَانَ مَخْزُونًا) كَأُجْرَةِ حَافِظِهِ (وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ خَوْفًا مِنَ الضَّمَانِ وَذَلِكَ وَسِيلَةٌ إِلَى تَعْطِيلِ الْمُدَايَنَاتِ، وَالْقُرُوضِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِالدَّيْنِ، فَلَا يُضْمَنُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، كَبَعْدِ الْوَفَاءِ (إِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) . قَالَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي تَلَفِهِ شَيْءٌ كَالْوَدِيعَةِ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ، كَمَا لَوْ أَعَارَهُ، أَوْ مَلَّكَهُ، أَوِ اسْتَعْمَلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْمُتَعَدِّي وَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ فَأَجْرَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا لِمَا رَوَى عَطَاءٌ «أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ فَرَسًا فَنَفَقَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: " ذَهَبَ حَقُّكَ» ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مَقْبُوضَةٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، فَيَضْمَنُهَا مَنْ قَبَضَهَا لِذَلِكَ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ بِعَقْدٍ بَعْضُهُ أَمَانَةٌ فَكَانَ جَمِيعُهُ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ وَحَدِيثُ عَطَاءٍ بِخِلَافِهِ مَعَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ قَالَ: يَرْوِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَكَانَ كَذَّابًا، وَقِيلَ: مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَوْ سَلِمَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ حَقُّكَ مِنَ الْوَثِيقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، أَوْ قِيمَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا تَعَدَّى، أَوْ فَرَّطَ أَنَّهُ يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ، وَفِي بَقَاءِ الرَّهِينَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أَمَانَةً وَاسْتِيثَاقًا فَبَقِيَ أَحَدُهُمَا وَجْهَانِ (وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ قَبْلَ التَّلَفِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ فَبَقِيَ بِحَالِهِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ عَبْدًا يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَكَحَبْسِ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ حَبْسِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ عَلَى ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي رِوَايَةٍ بِتَلَفِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُهُ، وَالرَّهْنُ لَيْسَ بَعِوَضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ بِتَفَاسُخِهِمَا ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>