وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا، انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ رَهَنَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الرَّهْنِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ فَوَجَدَهُ مُسْتَحَقًّا لَزِمَهُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ، وَالرَّهْنُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنْ أَمْسَكَهُ مَعَ عَمَلِهِ حَتَّى تَلِفَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمِنَ الرَّاهِنُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ حَتَّى تَلِفَ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَثَالِثُهَا لِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ (وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَثِيقَةِ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِكُلِّ الْحَقِّ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، أَوْ لَا وَكَالضَّمَانِ، وَالشَّهَادَةِ.
تَنْبِيهٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي التَّلَفِ، وَقِيلَ: وَالرَّدُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِي مُرْتِهِنٍ ادَّعَى ضَيَاعَهُ: إِنِ اتَّهَمَهُ أَحْلَفَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّفْهُ، وَكَذَا إِنِ ادَّعَاهُ بِحَادِثٍ ظَاهِرٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَادِثِ قَبْلَ قَوْلِهِ فِيهِ، وَكَذَا وَكَيْلٌ وَسَيَأْتِي. ١
(وَإِنْ رَهْنَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا: انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ) ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ فَكَأَنَّهُ رَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ مُنْفَرِدًا.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْآخَرِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ مُقَاسَمَةُ الْمُرْتَهِنِ لِمَا عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ فَصَارَ جَمِيعُهُ رَهْنًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَ الْمُقَاسَمَةَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَنْقُصُهُ الْقِسْمَةُ كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ أُجِيبُ إِلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ بَعْضُهُ رَهْنٌ وَبَعْضُهُ وَدِيعَةٌ (وَإِنْ رَهَنَهُ رَجُلَانِ شَيْئًا فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute