للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلَانِ شَيْئًا فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا، انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَو للْعَدْلِ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ وَوَفَّى الدَّيْنَ وَإِلَّا رُفِعَ الْأَمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ بَيْعِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَقَضَى دَيْنَهُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ) ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُتَعَدِّدٌ فَتَعَلَّقَ مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِنَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إِلَّا إِذَا كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَنَقَلَ مُهَنَّا خِلَافَهُ، فَلَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدًا لَهُمَا عِنْدَ اثْنَيْنِ بِأَلْفٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ، وَيَصِيرُ كُلُّ رُبْعٍ مِنْهُ رَهْنًا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَمَتَى قَضَى فِي شَيْءٍ انْفَكَّ مِنَ الرَّهْنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.

فَرْعٌ: إِذَا قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ، أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ، أَوْ كَفِيلٌ فَعَمَّا نَوَاهُ، فَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ فَلَهُ صَرْفُهُ إِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَقِيلَ: يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ (وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ) لَزِمَ الرَّاهِنَ الْإِيفَاءُ، لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَالٌّ فَلَزِمَ إِبْقَاؤُهُ كَالَّذِي لَا رَهْنَ بِهِ (وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ لِلْعَدْلِ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ، وَفِي بَيْعِهِ بِقِيمَتِهِ وَجْهَانِ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لِحَقِّهِ، فَلَمْ يَجُزْ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ إِذْنٍ مِنَ الرَّاهِنِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: بَلَى حَكَاهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي قَضَاءِ الْحَقِّ منْ غَيْرِهِ (وَوَفَّى الدَّيْنَ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالْبَيْعِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ، فَعَلَى الرَّاهِنِ (وَإِلَّا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَأْذِنْ فِي الْبَيْعِ، وَلَمْ يُوفِّ (رُفِعَ الْأَمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ بَيْعِ الرَّهْنِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْحَاكِمِ، فَإِنِ امْتَنَعَ حَبَسَهُ، أَوْ عَزَّرَهُ حَتَّى يَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: أَصَرَّ عَلَى الْمَنْعِ، أَوْ كَانَ غَائِبًا، أَوْ تَغَيَّبَ. قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " (بَاعَهُ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ أَدَاؤُهُ (وَقَضَى دَيْنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِيهِ كَالْإِيفَاءِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ، أَوْ إِذْنِ حَاكِمٍ، وَقِيلَ: بَلَى، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِهِ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: ائْذَنْ فِيهِ وَخُذْ دَيْنَكَ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ أَبْرِئْهُ مِنْهُ.

فَرْعٌ: إِذَا جَهِلَ رَبُّ الرَّهْنِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ، وَالصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>