مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا مِنْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إِذَنْ سَيِّدِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، صَحَّ، وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِرِضَى الضَّامِنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمَضْمُونِ لَهُ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي قِيَاسَ قَوْلِ أَحْمَدَ، لِأَنَّ مَعَهُ سَلَامَةَ الْعَقْدِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ قَوْلُ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْحَقِّ، وَالْحُكْمُ فِيمَنْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَالُ جُنُونٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَضْمُونِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَلَا مِنْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عقد تضمن إِيجَابُ مَالٍ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ كَالنِّكَاحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْتِزَامِ مَالٍ، أَشْبَهَ نَذْرَ الصَّدَقَةِ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ) هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ، فَصَحَّ مِنْهُ، وَلَزِمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْإِقْرَارِ بِالْإِتْلَافِ (وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ لَصَحَّ، فَكَذَا هُنَا، لَكِنْ فِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إِلَى تَفْوِيتِ الْحُرِّيَّةِ (وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ كَاسْتِدَانَتِهِ بِإِذْنِهِ.
قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَعَلُّقُ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِفِعْلِهِ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الضَّمَانِ، لِيَكُونَ الْقَضَاءُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ، صَحَّ، وَيَكُونُ مَا فِي ذِمَّتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ كَتَعَلُّقٍ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي، كَمَا لَوْ قَالَ لِحُرٍّ: ضَمِنْتُ لَكَ هَذَا الدَّيْنَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِي هَذَا، صَحَّ.
(وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِرِضَى الضَّامِنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ حَقٍّ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الَّتِي يَلْزَمُ الْعَاقِدَ مِنْهَا حُقٌّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكْرَهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute