الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لَهُمَا، وَلَا كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا، وَلَا وَاجِبًا إِذَا كَانَ مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْتُ لَكَ مَا عَلَى فُلَانٍ، أَوْ مَا تُدَايِنُهُ بِهِ، صَحَّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَالٍ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ رِضَى الْمُلْتَزِمِ كَالنَّذْرِ (وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمَضْمُونَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ رِضَى الْمَضْمُونِ لَهُ وَأَقَرَّهُ الشَّارِعُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا قَبْضٌ كَالشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ، أَشْبَهَ ضَمَانَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ (وَلَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَضَى الدَّيْنَ عَنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ، صَحَّ، فَكَذَا إِذَا ضَمِنَ عَنْهُ (وَلَا مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا، فَكَذَا مَعْرِفَتُهُمَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: تُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهُمَا لِيُعْلَمَ هَلِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ أَهْلٌ لِاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ إِلَيْهِ أَمْ لَا؛ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ مَنْ يُتَبَرَّعُ عَنْهُ، وَالْمَضْمُونُ لَهُ فَيُؤَدَّى إِلَيْهِ، وَذَكَرَ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ فَقَطْ، وَجَوَابُهُ الْخَبَرُ (وَلَا) يُعْتَبَرُ (كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ مَعَ أَنَّهُ الْتِزَامُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ من غير مُعَاوَضَةً، فَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْإِقْرَارِ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِغَرَرٍ وَخَطَرٍ، وَهُوَ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ وَإِذَا قَالَ: أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، فَيَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْعَتَاقِ، وَالطَّلَاقِ، وَفِيَّ ضَمَانِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ (وَلَا وَاجِبًا إِذَا كَانَ مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ) بَلْ يَصِحُّ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَجِبْ، إِذِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَلَّتْ عَلَى ضَمَانِ حِمْلِ بَعِيرٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ. لَا يُقَالُ الضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ شَيْءٌ، فَلَا ضَمَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمَّ ذِمَّتَهُ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ مَا يَثْبُتُ فِيهَا، وَهَذَا كَافٍ وَلَهُ إِبْطَالُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَلَا مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ لَا يُوجَدُ فِيهِ ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ مُطْلَقًا (وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْتُ لَكَ مَا عَلَى فُلَانٍ) مِثَالُ الْمَجْهُولِ. وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَا ضَامِنٌ لَكَ مَا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ مَا يُقِرُّ بِهِ لَكَ، أَوْ مَا يقضى بِهِ عَلَيْهِ (أَوْ مَا تُدَايِنُهُ بِهِ، صَحَّ) أَيْ: مَا تُعْطِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute