إِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، أَوْ تَلَفَتِ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فَبَرِئَ مِنْهُ بِالْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْإِجَارَةِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ بَرِئَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَقِيلَ: إِنِ امْتَنَعَ أَشْهَدَ عَلَى امْتِنَاعِهِ رَجُلَيْنِ وَبَرِئَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْفَعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيُسَلِّمُهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ (إِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ) مِثْلَ أَنْ تَكُونَ حُجَّةُ الْغَرِيمِ غَائِبَةً، أَوْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَوِ الدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ، أَوْ هُنَاكَ ظَالِمٌ يَمْنَعُهُ مِنْهُ، فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَصِحُّ مُؤَجَّلَةً، لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، فَلَوْ جَعَلَهُ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ جَعَلَهُ إِلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالْأَوْلَى صِحَّتُهُ هُنَا، لِأَنَّهُ تَبَرُّعُ عِوَضٍ، فَصَحَّ كَالنَّذْرِ، ثُمَّ إِنْ عَيَّنَ مَكَانًا لِتَسْلِيمِهِ تَعَيَّنَ، وَلَمْ يَبْرَأْ بِإِحْضَارِهِ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ تَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَبْرَأُ بِإِحْضَارِهِ بِمَكَانٍ آخَرَ مِنَ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ سُلْطَانٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي إِحْضَارِهِ بِمَكَانٍ آخَرَ لَمْ يَبْرَأْ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ فِي حَبْسِ الشَّرْعِ فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ فِيهِ بَرِئَ، وَلَا يَلْزَمُهُ إِحْضَارُهُ مِنْهُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَيُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ من إخراجه لِيُحَاكِمَ غَرِيمَهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ، وَإِنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أَخَذَ بِهِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَالشَّيْخَانِ كَالْكَفِيلِ.
(وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، أَوْ تَلَفَتِ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى) قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ (أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ) ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: إِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَتَسْقُطُ الْكَفَالَةُ فِي الْمَنْصُوصِ، لِأَنَّ الْحُضُورَ سَقَطَ عَنْهُ فَبَرِئَ كَفِيلُهُ، كَمَا لَوْ أُبْرِئَ مِنَ الدَّيْنِ، وَقِيلَ: لَا تَسْقُطُ وَيُطَالَبُ بِمَا عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِيهَا عَدَمُ ضَمَانِهِ، لِأَنَّ الْكَفِيلَ وَثِيقَةٌ، فَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute