للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَفِيلُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ إِحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ، أَوْ عَوَّضَ الْعَيْنَ وَإِنْ غَابَ أُمْهِلَ الْكَفِيلُ بِقَدْرِ مَا يَمْضِي فَيُحْضِرُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إِحْضَارُهُ ضَمِنَ مَا عَلَيْهِ وَإِذَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَقُّ اسْتُوْفِيَ مِنَ الْوَثِيقَةِ كَالرَّهْنِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، لِأَنَّ الرَّهْنَ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَالُ فَاسْتُوْفِيَ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ بَقَاؤُهَا بِمَوْتِ الْكَفِيلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا كُفِّلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَوَثِقَ وَرَثَتُهُ، وَإِلَّا حَلَّ فِي الْأَقْيَسِ، أَوِ الْمَكْفُولُ لَهُ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، لِأَنَّ تَلَفَهَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُتْلِفِ بَدَلُهَا.

الثَّالِثَةُ: إِذَا سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ بِشَرْطِهِ بَرِئَ كَفِيلُهُ، كَمَا لَوْ قَضَى الْمَدْيُونُ عَنْهُ الدَّيْنَ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا كَفَلَ إِنْسَانًا، أَوْ ضَمِنَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ قَدَّمَ قَوْلَ خَصْمِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ، أَوْ بَقَاءُ الدَّيْنِ، وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَ: بَرِئْتُ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي كَفَلْتُهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا بِقَبْضِ الْحَقِّ وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَحْدَهُ وَإِذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ فَأَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، فَلَمْ تَقْبَلْ وَرَثَتُهُ بَرِئَ مَعَ كَفِيلِهِ.

(وَإِنْ تَعَذَّرَ إِحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ، أَوْ عَوَّضَ الْعَيْنَ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» . وَلِأَنَّهَا أَحَدُ نَوْعَيِ الْكَفَالَةِ، فَوَجَبَ الْغُرْمُ بِهَا كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَكَفِيلُ الْوَجْهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَ لَا مَالَ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَوْلًا. وَالثَّانِي: فَسَادُهَا لِإِضَافَتِهَا إِلَى عُضْوٍ. قَالَهُ الْمَجْدُ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ إِنِ امْتَنَعَ بِسُلْطَانٍ، وَأُلْحِقَّ بِهِ مُعْسِرٌ وَمَحْبُوسٌ وَنَحْوُهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْمَعْنَى (وَإِنْ غَابَ) فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ (أُمْهِلَ الْكَفِيلُ) ، وَلَمْ يُطَالِبْهُ (بِقَدْرِ مَا يَمْضِي فَيُحْضِرُهُ) لَهُ لِيَتَحَقَّقَ إِمْكَانَ التَّسْلِيمِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمَسَافَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>