للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حائط يَفْتَحُهُ بَابًا وَبُقْعَةً يَحْفِرُهَا بِئْرًا، وَعُلُوَّ بَيْتٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بُنْيَانًا مَوْصُوفًا، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ غَيْرَ مَبْنِيٍّ، لَمْ يَجُزْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَجُوزُ إِذَا وَصَفَ الْعُلُوَّ، وَالسُّفْلَ، وَإِنْ حَصَلَ فِي هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ، فَطَالَبَهُ بِإِزَالَتِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِئْرًا) ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِجَارَتُهَا فَجَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا بِالصُّلْحِ كَالدَّرْبِ، وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالدَّارِ، بَلِ الْأَمْلَاكُ كُلُّهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ غَبَّرَ مَمَرًّا فِي مِلْكِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا (وَ) يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ (عُلُوَّ بَيْتٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بُنْيَانًا مَوْصُوفًا) ، لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ فَجَازَ بَيْعُهُ كَالْأَرْضِ وَمَعْنَى " مَوْصُوفًا " أَيْ: مَعْلُومًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ ذَلِكَ عَلَى الْوَقْفِ.

قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْوَقْفِ مَا يَضُرُّ بِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ غَيْرَ مَبْنِيٍّ لَمْ يَجُزْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ بَيْعُ الْعُلُوِّ دُونَ الْقَرَارِ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْمَعْدُومِ (وَفِي الْآخَرِ يَجُوزُ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُصَالِحِ فَجَازَ لَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقَرَارِ، وَشَرْطُهُ (إِذَا وَصَفَ الْعُلُوَّ، وَالسُّفْلَ) لِيَكُونَ مَعْلُومًا وَيَصِحَّ فِعْلُ ذَلِكَ صُلْحًا أَبَدًا وَإِجَارَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً أَيْضًا (وَإِنْ حَصَلَ فِي هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ فَطَالَبَهُ بِإِزَالَتِهَا) أَيْ: بِإِزَالَةِ أَغْصَانِهَا (لَزِمَهُ ذَلِكَ) ، لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، فَوَجَبَ إِزَالَةُ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ كَالدَّابَّةِ إِذَا دَخَلَتْ مِلْكَهُ، وَطَرِيقُهُ إِمَّا الْقَطْعُ أَوْ لَيُّهُ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ (فَإِنْ أَبَى فَلَهُ) أَيْ: مَالِكِ الْهَوَاءِ (قَطْعُهَا) ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْإِزَالَةِ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ ذَلِكَ إِخْلَاءُ مِلْكِهِ الْوَاجِبِ إِخْلَاؤُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمٍ بِذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إِزَالَتُهَا بِلَا إِتْلَافٍ، وَلَا قَطْعٍ مِنْ غَيْرِ سَفَهٍ، وَلَا غَرَامَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ إِتْلَافُهَا كَالْبَهِيمَةِ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ غَرِمَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِزَالَتُهَا إِلَّا بِالْإِتْلَافِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَكِنْ قِيلَ لِأَحْمَدَ: يَقْطَعُهُ هُوَ؟ قَالَ: لَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ حَتَّى يَقْطَعَ، وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِزَالَةِ، لِأَنَّهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>