فَإِنْ أَبَى فَلَهُ قَطْعُهَا فَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، لَمْ يَجُزْ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ، أَوْ بَيْنَهُمَا جَازَ، وَلَمْ يَلْزَمْ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَيْرِ فِعْلِهِ، فَإِنْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْهُ، قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ احْتِمَالًا، وَهُوَ وَجْهٌ: ضِدَّهُ (فَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ) . قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، سَوَاءٌ كَانَ الْغُصْنُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، لِأَنَّ الرَّطْبَ يَزِيدُ وَيَتَغَيَّرُ، وَالْيَابِسَ يَنْقُصُ وَرُبَّمَا ذَهَبَ كُلُّهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " إِنْ كَانَت الْأَغْصَانُ رَطْبَةً لَمْ يَجُزِ الصُّلْحُ عَنْهَا لِزِيَادَتِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي فِي الْيَابِسِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا عَلَى نَفْسِ الْحَائِطِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْهَوَاءِ فَلَا، لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا، لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ لَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ لِكَوْنِهَا لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ بِخِلَافِ الْعِوَضِ، فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَأَيَّدَهُ فِي " الْمُغْنِي ".
وَقَالَ: هُوَ اللَّائِقُ بِمَذْهَبِ أَحْمَدَ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ لِكَثْرَتِهَا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُتَجَاوِرَةِ، وَفِي الْقَطْعِ إِتْلَافٌ وَضَرَرٌ، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ يُعْفَى عَنْهَا كَالسِّمَنِ الْحَادِثِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لِلرُّكُوبِ (وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ) أَيْ: لِمَالِكِ الْهَوَاءِ (أَوْ بَيْنَهُمَا جَازَ) ، لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الثَّمَرَةِ، أَوْ بَعْضِهَا أَسْهَلُ مِنَ الْقَطْعِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَاسْتَحَقَّ أَنْ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ: لَا أَدْرِي.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِمَا روى مكحول مَرْفُوعًا: أَيُّمَا شَجَرَةٍ ظَلَّلَتْ عَلَى قَوْمٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَطْعِ مَا ظَلَّلَ، أَوْ أَكْلِ ثَمَرِهَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهَا، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ وَجَوَّهَا مَجْهُولَانِ وَمِنْ شَرْطِ الصُّلْحِ الْعِلْمُ بِالْعِوَضِ (وَلَمْ يَلْزَمْ) ، إِذْ لُزُومُهُ يُؤَدِّي إِلَى ضَرَرِ مَالِكِ الشَّجَرَةِ لِتَأَبُّدِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَرَةِ عَلَيْهِ، أَوْ إِلَى ضَرَرِ مَالِكِ الْهَوَاءِ لِتَأَبُّدِ بَقَاءِ الْأَغْصَانِ فِي مِلْكِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute