للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّسْقِيفُ إِلَّا بِهِ. وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ: عَلَى أَنَّهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

جُذُوعَ الْجِيرَانِ عَلَى أَكْتَافِكُمْ مُبَالَغَةً، وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِحَائِطِ جَارِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهِ، أَشْبَهَ الِاسْتِنَادَ إِلَيْهِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " إنَّهُ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْحَائِطِ، فَإِنْ أَضَرَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ وَضْعُهُ عَلَى غَيْرِهِ.

فَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لَا يَجُوزُ، وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ إِلَى جَوَازِهِ لِلْخَبَرِ (بِأَنْ لَا يُمْكِنَهُ التَّسْقِيفُ إِلَّا بِهِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلضَّرُورَةِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَائِطٌ وَاحِدٌ، أَوْ حَائِطَانِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ لِجَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَائِطٌ وَاحِدٌ وَلِجَارِهِ ثَلَاثَةٌ، وَرَدَّهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ.

وَإِنَّمَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: لَا يمنعه إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَكَانَ الْحَائِطُ يَبْقَى، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ التَّسْقِيفُ عَلَى حَائِطَيْنِ إِذَا كَانَا غَيْرَ مُتَقَارِبَيْنِ، أَوْ كَانَ الْبَيْتُ وَاسِعًا يَحْتَاجُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ جِسْرًا، ثُمَّ يَضَعَ الْخَشَبَ عَلَى ذَلِكَ الْجِسْرِ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُهُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِبَالِغٍ، أَوْ يَتِيمٍ عَاقِلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، لَا يُقَالُ: قِيَاسُهُ يَجُوزُ فَتْحُ الطَّاقِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ وَضْعَ الْخَشَبِ يَنْفَعُ الْحَائِطَ وَيُمْكِنُهُ بِخِلَافِ فَتْحِ الطَّاقِ، فإنه يضره (وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ) نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، تُرِكَ فِي حَقِّ الْجَارِ لِلْخَبَرِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ (وَهَذَا تَنْبِيهٌ) أَيْ: خَرَّجَ مِنْهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا (عَلَى أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ) ، لِأَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ فَلَأَنْ يُمْنَعَ مِنَ الْمِلْكِ الْمُخْتَصِّ بِغَيْرِهِ أَوْلَى وَيَتَأَكَّدُ الْمَنْعُ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّهُولَةِ، وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ، وَالضِّيقِ.

مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا مَلَكَ وَضْعَ خَشَبَةٍ عَلَى حَائِطٍ فَزَالَ بِسُقُوطِهِ، أَوْ قَلْعِهِ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>