لَا يَضَعُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ فَانْهَدَمَ فَطَالَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبِنَائِهِ مَعَهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يُجْبَرُ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ بِنَائِهِ، فَإِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سُقُوطِ الْحَائِطِ، ثُمَّ أُعِيدَ فَلَهُ إِعَادَةُ خَشَبَةٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُجَوِّزَ لِوَضْعِهِ مُسْتَمِرٌّ فَاسْتَمَرَّ الِاسْتِحْقَاقُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا مَلَكَ وَضْعَ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْ إِجَارَتَهُ، وَلَا إِعَارَتَهُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا مَلَكَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ هُنَا، فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْجِدَارِ إِجَارَتَهُ، أَوْ إِعَارَتَهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يَمْلِكْهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ هَدْمَ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي وَضْعِ خَشَبَةٍ، أَوِ الْبِنَاءِ عَلَى جِدَارِهِ بِعِوَضٍ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ إِجَارَةً فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ صُلْحًا عَلَى وَضْعِهِ عَلَى التَّأْيِيدِ وَمَتَى زَالَ فَلَهُ إِعَادَتُهُ وَيَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ مَعْلُومَ الْعَرْضِ، وَالطُّولِ، وَالسُّمْكِ، وَالْآلَاتِ مِنَ الطِّينِ، وَاللَّبِنِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضًا، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عِوَضَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا وَجَدَ خَشَبَهُ، أَوْ بِنَاءَهُ، أَوْ مَسِيلَ مَائِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ وَضْعُهُ بِحَقٍّ فَمَتَى زَالَ فَلَهُ إِعَادَتُهُ، لِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ لَا يَزُولُ حَتَّى يُعْلَمَ مَا يُخَالِفُهُ.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ) مُشْتَرَكٌ (فَانْهَدَمَ فَطَالَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبِنَائِهِ مَعَهُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ، وَلَا إِضْرَارَ» . وَكَنَقْصِهِ عِنْدَ خَوْفِ سُقُوطِهِ وَكَالْقِسْمَةِ (وَعَنْهُ: لَا يُجْبَرُ) ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالْمُؤَلِّفُ، وَقَالَ: هُوَ أَقْوَى فِي النَّظَرِ، لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، فَلَمْ يُجْبَرْ مَالِكُهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوِ انْفَرَدَ، وَفَارَقَ الْقِسْمَةَ لِأَنَّهَا لَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَالْبِنَاءُ فِيهِ ضَرَرٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَامَةِ، وَالضَّرَرُ لَا يَزُولُ بِمِثْلِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُمْتَنِعُ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْحَائِطِ، أَوْ يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute