للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَهُوَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ خُيِّرَ الْبَانِي بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ مِنْهُ، وَبَيْنَ أَخْذِ آلَتِهِ.

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الضَّرَرُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ النَّفْعِ، أَوْ يَكُونُ مُعْسِرًا، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ عَدَمَ حُرْمَةِ الْمِلْكِ إِنْ لَمْ يُوجِبْ فَحُرْمَةُ شَرِيكِهِ الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الْبِنَاءِ مُوجِبٌ، وَفَارَقَ الْبِنَاءَ الْمُفْرَدَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَفُوتُ بِهِ حَقٌّ، وَلَا يُتَضَرَّرُ بِهِ وَقَوْلُهُمُ: الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ مَدْفُوعٌ بِمَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مِنْ حَقِّ الْجَارِ أَنْ لَا يَرْفَعَ الْبُنْيَانَ عَلَى جَارِهِ لِيَسُدَّ عَلَيْهِ الرِّيحَ» ، وَقَوْلُهُمْ: قَدْ يَكُونُ الْمُمْتَنِعُ إِلَى آخِرِهِ يَنْتَقِضُ بِوَضْعِ خَشَبِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ، فَلَا قَائِلَ بِإِلْزَامِهِ مَعَهَا (لَكِنْ) عَلَيْهَا (لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ بِنَائِهِ) ، لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ وَرَسْمًا فِي الْحَائِطِ، فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُ مِنْهُ (فَإِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا) عَلَى الشَّرِكَةِ، كَمَا كَانَ، لِأَنَّ الثَّانِيَ إِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى التَّأْلِيفِ وَذَلِكَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ فَمَلَكَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ أَخْذِ نِصْفِ تَأْلِيفِهِ فِي الْأَشْهَرِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " النِّهَايَةِ "، وَقِيلَ: يَمْلِكُ مَنْعَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْغَرَامَةِ، وَأَبْدَاهُ ابْنُ الْمُنَجَّا بَحْثًا مِنْ عِنْدِهِ، وَحَكَى الْأَوَّلَ عَنِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى آخِرِهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَأَدَّى إِلَى ضَيَاعِ حَقِّ الشَّرِيكِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ، فَكَذَا يُجْبَرُ عَلَى وَزْنِ أُجْرَةِ الْبِنَّاءِ، كَمَا يُجْبِرُهُ عَلَى وَزْنِ الْآلَاتِ (وَإِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَهُوَ لَهُ) ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ) قَبْلَ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَّهُ مَنْعُهُ مِنْ رَسْمِ طَرْحِ خَشَبٍ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ قِيمَةِ حَقِّهِ، وَعَنْهُ: مَا يَخُصُّهُ مِنْ غَرَامَةٍ، لِأَنَّهُ نَائِبُهُ مَعْنًى وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا، فَإِنْ أَرَادَ نَقْضَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِذَا بَنَاهُ بِآلَةٍ فَقَطْ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرُ الْبَانِي نَقْضَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ مُطْلَقًا وَلَهُ طَلَبُ نَفَقَتِهِ مَعَ الْإِذْنِ، وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ عَلَى الْأُولَى الْخِلَافُ (فَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ) أَيْ: الِانْتِفَاعَ (خُيِّرَ الْبَانِي بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ مِنْهُ) ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (وَبَيْنَ أَخْذِ آلَتِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ.

فَرْعٌ: لَوْ بَنَيَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالنَّفَقَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَهُ لِوَاحِدٍ وَبَاقِيَهُ لِلْآخَرِ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحَمِّلُهُ مَا احْتَاجَ لَمْ يَصِحَّ، فَلَوْ وَصَفَا الْحِمْلَ فَوَجْهَانِ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>