للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنَهُ، وَإِنِ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَكَانَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَأَعْرَضَ، أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ حُبِسَ إِلَى أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى نَفَاذِ مَالِهِ أَوْ إِعْسَارِهِ وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا؟ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالنُّعْمَانِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمْ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْحَبْسِ، وَلَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ (بَاعَ) الْحَاكِمُ (مَالَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ) لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ ضُعِّفَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَظَاهِرُهُ يَجِبُ، نَقَلَ حَرْبٌ: إِذَا تَقَاعَدَ بِحُقُوقِ النَّاسِ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُقْضَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".

فَرْعٌ: إِذَا مَطَلَهُ بِحَقِّهِ أَحْوَجَهُ إِلَى الشِّكَايَةِ فَمَا غَرِمَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَعَلَى الْمُمَاطِلِ (وَإِنِ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَكَانَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ كَالْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ، أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ) ، زَادَ جَمَاعَةٌ: وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ (حُبِسَ) ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَالِهِ، وَحَبْسُهُ وَسِيلَةٌ إِلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ كَالْمُقِرِّ بِيَسَارِهِ، وَكَذَا إِذَا لَزِمَهُ عَنْ غَيْرِ مَالٍ كَالضَّمَانِ وَأَقَرَّ بِالْمَلَاءَةِ فَيَقْبَلُ قَوْلَ غَرِيمِهِ: إِنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ بِدَيْنِهِ (إِلَى أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى نَفَادِ مَالِهِ) أَيْ: تَلَفِهِ، وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ التَّلَفَ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ (أَوْ إِعْسَارِهِ) ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُظْهِرُ عُسْرَتَهُ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ وَيَجِبُ إِنْظَارُهُ، وَلَا تَحِلُّ مُلَازَمَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَتُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " (وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا) أَيْ: مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ؛ (عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ.

قَالَ الْقَاضِي: سَوَاءٌ شَهِدَتْ بِتَلَفِ الْمَالِ، أَوِ الْإِعْسَارِ، لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ، فَلَمْ يُسْتَحْلَفْ مَعَهَا، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا عَبْدُهُ، وَالثَّانِي: بَلَى، وَذَكَرُهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَصْحَابِنَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ خَفِيَ عَلَى الْبَيِّنَةِ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَطَعَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>