جِنَايَةٍ، أَوْ رَهْنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، وَعَنْهُ: أَنَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَهُوَ (وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ) لِلْغَيْرِ (مِنْ شُفْعَةٍ) ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ، لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ لِكَوْنِهِ ثَبَتَ بِالْبَيْعِ، وَالْبَائِعُ حَقُّهُ ثَبَتَ بِالْحَجْرِ، وَمَا كَانَ أَسْبَقَ فَهُوَ أَوْلَى.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ. وَفِي ثَالِثٍ إِنْ طَالَبَ بِهَا فَهُوَ أَحَقُّ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ بِالْمُطَالَبَةِ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ جِنَايَةٍ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَجَنَى، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْبَائِعَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَحَقُّ الْجِنَايَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ، وَالثَّانِي: لَا يَمْنَعُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ يَمْنَعُ تَصَرُّفَ السَّيِّدِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ، فَعَلَى هَذَا يُخَيَّرُ إِنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهِ نَاقِصًا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَ بِثَمَنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَقِيلَ: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ رَهْنٍ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ عَقَدَ قَبْلَ الْفَلَسِ عَقْدًا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ، فَلَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ، كَمَا لَوْ وَهَبَهُ، وَلِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ إِضْرَارًا بِالْمُرْتَهِنِ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ دُونَ قِيمَةِ الرَّهْنِ بِيعَ كُلُّهُ فَقَضَى مِنْهُ دَيْنَهُ وَبَاقِيهِ يُرَدُّ عَلَى مَالِ الْمُفْلِسِ، فَإِنْ بِيعَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْغُرَمَاءُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِعُ فِيهِ الْبَائِعُ، لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ فَرَهَنَ إِحْدَاهُمَا، فَهَلْ يَمْلِكُ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الْأُخْرَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إِذَا تَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا (وَنَحْوِهِ) كَالْعِتْقِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَفْلَسَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِوَقْفٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، فَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى مِلْكِهِ فَأَوْجُهٌ ثَالِثُهَا: إِنْ عَادَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ كَإِقَالَةٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ لَا إِذَا عَادَ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَلَوِ اشْتَرَاهَا، ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَقِيلَ: الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَبْقِهِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ (وَلَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) هَذَا اخْتِيَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute