للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ مِنْ شُفْعَةٍ، أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُنْفَرِدًا فَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ فَيَتَضَرَّرُ الْمُفْلِسُ، وَالْغُرَمَاءُ، وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ، فَلَمْ يَجُزْ مَعَ تَشْقِيصِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَالسِّلْعَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَتْلَفْ بَعْضُهَا) لِلْخَبَرِ، فَلَوْ ذَهَبَ بَعْضُ أَطْرَافِ الْعَبْدِ، أَوْ عَيْنُهُ، أَوْ بَعْضُ الثَّوْبِ، أَوِ انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ، أَوْ تَلِفَتِ الثَّمَرَةُ فِيمَا إِذَا اشْتَرَى شَجَرًا مُثْمِرًا لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَتُهُ. قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْهَا بِعَيْنِهَا، إِذِ الشَّارِعُ جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الرُّجُوعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْضَى بِالْمَوْجُودِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ يَأْخُذَهُ بِقِسْطِهِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطُ الرُّجُوعِ، فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ وَقَفَهُ، أَوْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ كَزَيْتٍ بِمِثْلِهِ فَهُوَ كَتَلَفِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: وَنَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ: لَا رُجُوعَ، بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدِ الْمَبِيعَ بِعَيْنِهِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، نَقَلَهَا الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، لِأَنَّ السَّالِمَ مِنَ الْمَبِيعِ وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا إِذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنَ الثَّمَنِ مُقَسَّطٌ عَلَى الْمَبِيعِ فَيَقَعُ الْقَبْضُ مِنْ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعَيْنَيْنِ وَقَبْضُ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ مَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهِ مُبْطِلٌ لَهُ بِخِلَافِ التَّلَفِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَلَفِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ تَلَفُ شَيْءٍ مِنَ الْعَيْنِ الْأُخْرَى (وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ) وَجَعْلِ الزَّيْتِ صَابُونًا، وَالْخَشَبَةِ بَابًا، وَالشَّرِيطِ إِبَرًا وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ كَالتَّلَفِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ نَوًى فَنَبَتَ شَجَرًا. قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْحَبِّ إِذَا صَارَ زَرْعًا وَبِالْعَكْسِ، وَالنَّوَى إِذَا نَبَتَ شَجَرًا، وَالْبَيْضِ إِذَا صَارَ فِرَاخًا فَذَهَبَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الرُّجُوعُ، لِأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ نَفْسُهُ، وَالْأَشْهَرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً بِكْرًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِيهِ وَجْهٌ: بَلَى كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْأَصَحِّ. وَوَطْءُ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>