للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمُ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ إِلَّا بِحُكْمِهِ، وَقِيلَ: يَنْفَكُّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ من

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَقَالَ عَلِيٌّ: لِآتِيَنَّ عُثْمَانَ لِيَحْجُرَ عَلَيْكَ، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُكَ فِي الْبَيْعِ فَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ فَذَكَرَ لَهُ الْقَضِيَّةَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُهُ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.

قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا إِلَّا مِنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اشْتُهِرَتْ، وَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّهُ سَفِيهٌ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ بَلَغَ سَفِيهًا نَظَرًا إِلَى دَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ الْعِلْمِ، وَالْحَاجِرُ هُنَا الْحَاكِمُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ وَلِيُّهُ.

وَقِيلَ: أَوْ أَبُوهُ، وَقِيلَ: إِنْ زَالَ الْحَجْرُ بِرُشْدِهِ بِلَا حُكْمٍ عَادَ بِمُجَرَّدِهِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الِاجْتِهَادِ، وَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إِلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، فَإِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الِاجْتِهَادِ بِغَيْرِ خِلَافٍ.

فَرْعٌ: لَوْ فَسَقَ، وَلَمْ يُبَذِّرْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَإِنِ اعْتُبِرَ فِي رُشْدِهِ إِصْلَاحُ دِينِهِ فَوَجْهَانِ (وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إِلَّا الْحَاكِمُ) ، لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَكَذَا النَّظَرُ فِي مَالِهِ (وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ) أَيْ: عَنِ السَّفِيهِ (إِلَّا بِحُكْمِهِ) عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِحُكْمِهِ، فَلَمْ يَزُلْ إِلَّا بِهِ كَالْمُفْلِسِ، (وَقِيلَ: يَنْفَكُّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ) . قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْحَجْرِ زَالَ فَيَزُولُ بِزَوَالِهِ، كَمَا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ. وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الرُّشْدَ يَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادٍ فِي مَعْرِفَتِهِ وَزَوَالِ تَبْذِيرِهِ فَكَانَ كَابْتِدَاءِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فَيَزُولُ بِغَيْرِ حُكْمِهِ.

فَرْعٌ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يُنْكَرُ عَقْلُهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ. قَالَهُ أَحْمَدُ يَعْنِي إِذَا كَبِرَ، وَاخْتَلَّ كَالْمَجْنُونِ لِعَجْزِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ.

وَنَقَلَ الْمَرُّوزِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إِذَا أَسْرَفَ بِأَنْ يَضَعَهُ فِي الْفَسَادِ وَشِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ وَنَحْوِهِ.

(وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) لِيَظْهَرَ أَمْرُهُ (وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالْعِلَّةِ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>