غير إِذْنُهُ وَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ نَسَبٍ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(لِتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ) ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ أَمْرُهُ لِشُهْرَتِهِ، وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ فَعَلَ. قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) . قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، لِأَنَّهُ لَا يَأْذَنُ إِلَّا بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ، وَحَاجَتُهُ تَدْعُو إِلَيْهِ، وَلَيْسَ مَآلُهُ إِلَى التَّبْذِيرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَجِبُ بِهِ مَالٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ كَالشِّرَاءِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَالِيٍّ، فَصَحَّ مِنْهُ كَخُلْعِهِ وَطَلَاقِهِ، وَلُزُومُ الْمَالِ فِيهِ بِطَرِيقِ الضِّمْنِ، وَفِي إِجْبَارِهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ أَذِنَ فَفِي لُزُومِهِ تَعْيِينَ الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ زِيَادَةَ إِذْنٍ فِيهَا، كَتَزْوِيجِهِ بِهَا فِي وَجْهٍ، فَإِنْ عَضَلَهُ اسْتَقَلَّ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُطَلِّقُ اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً، وَإِنْ خَالَعَ عَلَى مَالٍ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: بَلَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا تَبْرَأُ الْمَرْأَةُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ ضَمَانِهَا إِنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَيْهِ (وَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَرْجَحُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ أَشْبَهَ هِبَتَهُ وَوَقْفَهُ، وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَعِتْقِ الصَّبِيِّ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ تَامِّ الْمِلْكِ، فَصَحَّ كَالْمُفْلِسِ، وَالرَّاهِنِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ غَيْرِهِمَا، وَفِي عِتْقِهِمَا خِلَافٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ،
لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ مَصْلَحَةٍ
، لِأَنَّهُ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَالِهِ بَعْدَ غِنَاهُ عَنْهُ، وَكَذَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ بِمَوْتِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا صَحَّ مِنَ الْمَجْنُونِ فَمِنَ السَّفِيهِ أَوْلَى.
فَرْعٌ: يُكَفِّرُ بِصَوْمٍ كَمُفْلِسٍ، وَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ، وَقَدَرَ عَتَقَ وَيَسْتَقِلُّ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute