وَهَلْ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ وَالْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِذَا وَكَّلَ اثْنَيْنِ، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالشِّرَاءِ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ، وَفِي " الْمُغْنِي " أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّ هَذَا تَوْكِيلٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَالْعِتْقُ غَيْرُ مُنَافٍ، وَفِي جَحْدِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: عَمْدًا - وَجْهَانِ، وَالْأَشْهَرُ فِيهِنَّ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ.
تَنْبِيهٌ: تَبْطُلُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمُوَكَّلِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، لِأَنَّ مَحَلَّهَا قَدْ ذَهَبَ، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ مُطْلَقًا وَنَفَدَ مَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ بَطَلَتْ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِهِ، وَإِنِ اسْتَقْرَضَهُ الْوَكِيلُ فَهُوَ كَتَلَفِهِ، وَلَوْ عُزِلَ عَوَّضَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ.
(وَهَلْ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ وَالْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَكِيلَ إِذَا عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ عَزْلِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ - وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ - أَنَّ تَصَرُّفَهُ غَيْرُ نَافِذٍ، لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى رِضَا صَاحِبِهِ، فَصَحَّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالطَّلَاقِ، وَالثَّانِيَةُ: وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ قَبْلَ الْعِلْمِ كَالْأَحْكَامِ الْمُبْتَدَأَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ} [البقرة: ٢٧٥] وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا تَضْمِينُهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَذَكَرَ وَجْهًا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ لَا بِالْعَزْلِ، وَقَالَهُ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ، وَالْمُؤَلِّفَ وَجَمَاعَةً يَجْعَلُونَ الْخِلَافَ فِي نَفْسِ انْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ.
وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَ " الشَّرْحِ "، وَكَلَامِ الْمَجْدِ يَجْعَلُونَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ أَوْفَقُ لِمَنْصُوصِ أَحْمَدَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي " الْمُغْنِي " وَلِهَذَا.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ لَفْظِيٌّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ، أَوْ تَصَرَّفَ فَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ، فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِبَلَدٍ آخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ، فَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ قَبْلَ الْعِلْمِ، صَحَّ تَصَرُّفُهُ، وَإِلَّا كَانَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ حَكَمَ قَبْلَ هَذَا الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ حَاكِمٌ لَا يَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute