كُلُّهُ لَكَ فَهُوَ قَرْضٌ، وَإِنْ قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ أَوْ لِي لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَالَ: وَلَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ صَحَّ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: وَلِي ثُلُثُ الرِّبْحِ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ (وَإِنْ قَالَ: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ فَهُوَ) أَيِ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ (قَرْضٌ) لَا قِرَاضَ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ لَهُ، وَقَدْ قُرِنَ بِهِ حُكْمُهُ، فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ كَالتَّمْلِيكِ، فَإِنَّ قَرَنَ بِهِ: وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ فَهُوَ قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ نَفِيُ الضَّمَانِ، فَلَمْ يَنْتَفِ بِهِ (وَإِنْ قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنهُمَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِمَا إِضَافَةً وَاحِدَةً، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ - كَـ " هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَكم " - (وَإِنْ قَالَ: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ أَوْ لِي لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ فَقَدْ شَرَطَ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَفَسَدَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ لِأَحَدِهِمَا، وَيُفَارِقُ إِذَا لَمْ يَقُلْ: مُضَارَبَةً ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ لِمَا أَثْبَتَ حُكْمَهُ مِنَ الْإِبْضَاعِ، وَالْقَرْضِ، وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ ; لِأَنَّ الْإِذْنَ بَاقٍ (وَإِنْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً (وَلَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ) أَوْ رُبُعُهُ، أَوْ جُزْءٌ مَعْلُومٌ (صَحَّ) لِأَنَّ نَصِيبَ الْعَامِلِ مَعْلُومٌ (وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ لِكَوْنِهِ نَمَاءَهُ وَفَرْعُهُ، وَالْعَامِلُ يَأْخُذُ بِالشَّرْطِ، فَمَا شُرِطَ لَهُ اسْتَحَقَّهُ، وَمَا بَقِيَ فَلِرَبِّ الْمَالِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ (وَإِنْ قَالَ: وَلِي ثُلُثُ الرِّبْحِ) وَلَمْ يَذْكُرْ نَصِيبَ الْعَامِلِ (فَهَلْ يَصِحُّ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ، وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ يَسْتَحِقَّانِهِ، فَإِذَا قُدِّرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْهُ، فَالْبَاقِي لِلْآخَرِ بِمَفْهُومِ اللَّفْظِ كَمَا عُلِمَ أَنَّ ثُلُثَي الْمِيرَاثِ لِلْأَبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً، فَإِنْ قَالَ: لِيَ النِّصْفُ، وَلَكَ الثُّلُثُ، وَسَكَتَ عَنِ الْبَاقِي صَحَّ، وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: خُذْهُ مُضَارَبَةً عَلَى الثُّلُثِ أَوْ بِالثُّلُثِ صَحَّ، وَكَانَ تَقْدِيرًا لِنَصِيبِ الْعَامِلِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: لَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى مِنَ الرِّبْحِ صَحَّ، وَلَهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَكَ رُبُعُ الرِّبْحِ، وَرُبُعُ مَا يَبْقَى، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute