الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْطَى عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لِأَنَّ لِلْكُسْوَةِ عُرْفًا، وَهِيَ كُسْوَةُ الزَّوْجَاتِ، وَلِلْإِطْعَامِ عُرْفًا، وَهُوَ الْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَفِي الْمَلْبُوسِ إِلَى أَقَلِّ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ ; لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُجْزِئُ فِيهِ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ كَالْوَصِيَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ إِلَّا مَا يُوَافِقُهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى دَوَاءٍ لِمَرَضِهِ لَمْ يَلْزَمِ الْمُسْتَأْجِرَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ فِي دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا (وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ) إِجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] ، وَاسْتَرْضَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِوَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الطِّفْلَ فِي الْعَادَةِ لَا يَعِيشُ إِلَّا بِالرَّضَاعِ، فَإِنْ جَعَلَ الْأُجْرَةَ طَعَامَهَا وَكُسْوَتَهَا جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فَيَكُونُ مَجْهُولًا، فَعَلَى الصِّحَّةِ لَوِ اسْتَأْجَرَ لِلرَّضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ اتُّبِعَ، فَإِنْ أَطْلَقَ للرَّضَاعَ دَخَلَتِ الْحَضَانَةُ فِي وَجْهٍ لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا إِذِ الْحَضَانَةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْبِيَةِ الطِّفْلِ وَحِفْظِهِ، وَجَعْلِهِ فِي سَرِيرِهِ، وَدُهْنِهِ، وَكُحْلِهِ، وَغَسْلِ خِرَقِهِ، وَنَحْوِهِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْعِلْمُ بِمُدَّةِ الرَّضَاعِ، وَمَعْرِفَةُ الطِّفْلِ بِالْمُشَاهَدَةِ، قَالَ الْقَاضِي: أَوْ بِالصِّفَةِ، وَمَوْضِعِ الرَّضَاعِ، وَمَعْرِفَةُ الْعِوَضِ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرِّضَاعِ خِدْمَةُ الطِّفْلِ، وَحَمْلُهُ، وَوَضْعُ الثَّدْيِ فِي فِيهِ، وَاللَّبَنُ تَبَعٌ كَالصَّبْغِ، وَقِيلَ: اللَّبَنُ.
قَالَ الْقَاضِي: هُوَ أَشْبَهُ ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَلِهَذَا يُسْتَحَقُّ الْأَجْرُ بِالرِّضَاعِ دُونَ الْخِدْمَةِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّينَ لِلضَّرُورَةِ إِلَى حِفْظِهِ وَبَقَائِهِ.
مَسْأَلَةٌ: لِلْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدِرُّ لَبَنَهَا، وَيَصْلُحُ بِهِ، وَلِلْمُكْتَرِي مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ، فَلَوْ سَقَتْهُ لَبَنَ غَنَمٍ، أَوْ دَفَعَتْهُ إِلَى غَيْرِهَا فَلَا أُجْرَةَ لَهَا ; لِأَنَّهَا لَمْ تَفِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
(وَيَسْتَحِبُّ أَنْ تُعْطَى) إِذَا كَانَتْ حُرَّةً (عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً إِذَا كَانَ الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قَلْتُ يَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute