هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنَّ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً، فَقَالَ: إِنْ رَدَدْتَهَا الْيَوْمَ فَكِرَاؤُهَا خَمْسَةٌ، وَإِنْ رَدَدْتَهَا غَدًا فَكِرَاؤُهَا عَشَرَةٌ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِحُصُولِ نَمَائِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْجَوَازَ، فَلَوِ اكْتَرَاهُ عَلَى رَعْيِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا صَحَّ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالْمُدَّةَ وَالْأَجْرَ مَعْلُومٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَعَلَهُ دَرَاهِمَ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَصَحُّهُمَا لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعِوَضُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ بِدِينَارٍ نَقْدًا بِدِينَارَيْنِ نَسِيئَةً، فَعَلَى هَذَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إِنْ فَعَلَ، وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ، قَالَهُ الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ ; لِأَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ إِنْ زَرَعَهَا بُرًّا، فَبِخَمْسَةٍ، وَذُرَةً بِعَشَرَةٍ.
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنَّ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْعِوَضُ، وَلَا الْمُعَوَّضُ بِخِلَافِ كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْعَمَلَ الثَّانِيَ يَنْضَمُّ إِلَى الْأَوَّلِ، وَلِكُلٍّ عِوَضٌ مُقَدَّرٌ، وَعَنْهُ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَحْمِلُ لَهُ كِتَابًا إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَالَ: إِنْ أَوْصَلْتَهُ يَوْمَ كَذَا فَلَكَ عِشْرُونَ، وَإِنْ تَأَخَّرْتَ بَعْدَهُ فَلَكَ عَشَرَةٌ، أَنَّهَا فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ! .
(وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً، فَقَالَ: إِنْ رَدَدْتَهَا الْيَوْمَ فَكِرَاؤُهَا خَمْسَةٌ، وَإِنْ رَدَدْتَهَا غَدًا فَكِرَاؤُهَا عَشَرَةٌ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ) نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى التَّنَازُعِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ (دُونَ الثَّانِي) .
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالظَّاهِرُ عَنْ أَحْمَدَ فَسَادُ الْعَقْدِ عَلَى قِيَاسِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيَاسُ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْأَنْصَارِيِّ صِحَّتُهُ (وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute