للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَادَ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ، فَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ جَائِزٌ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ فِي الْعَشْرَةِ وَحْدَهَا، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ، وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ. وَإِنْ أَكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَمَا زَادَ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ، فَقَالَ أَحْمَدُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ (هُوَ جَائِزٌ) لِأَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا فَهُوَ كَمَا لَوِ اسْتَقَى كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ مَنْصُورٍ نَحْوَهُ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ فِي الْعَشْرَةِ وَحْدَهَا) لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ الَّذِي تُقَابِلُهُ الْعَشْرَةُ مَعْلُومٌ دُونَ مَا بَعْدَهُ ; لِأَنَّ مُدَّتَهُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْمِلَ هَذِهِ الصَّبْرَةَ وَهِيَ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَلَكَ بِحِسَابِهِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ لَا نَصَّ لِلْإِمَامِ فِيهَا، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ صِحَّتُهَا، وَلَوْ سَلِمَ فَسَادُهَا فَالْقُفْزَانُ الَّذِي شَرَطَ حَمْلَهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِجَهَالَتِهَا بِخِلَافِ الْأَيَّامِ فَإِنَّهَا مَعْلُومَةٌ (وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْعَمَلَ مَجْهُولَانِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ لِمُدَّةِ سِفْرِهِ فِي تِجَارَتِهِ لِاخْتِلَافِهَا طُولًا وَقِصَرًا، فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ.) «لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ آجَرَ نَفْسَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَلِأَنَّ الْأَجْرَ وَكُلَّ يَوْمٍ مَعْلُومَانِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ آجَرَه شَهْرًا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ رُكُوبٍ وَحَمْلٍ مَعْلُومٍ، وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى سَوَاءٌ أَقَامَتْ أَوْ سَارَتْ ; لِأَنَّ الْمَنَافِعَ ذَهَبَتْ فِي مُدَّتِهِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَأَغْلَقَهَا، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَجْهُولَةٌ.

(وَإِنْ أَكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَصِحُّ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ، وَالشَّيْخَانِ لِمَا رُوِيَ «عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: جُعْتُ مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ مَدَرًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُرِيدُ بَلَّهُ، فَقَاطَعْتُهَا كُلَّ ذَنُوبٍ بِتَمْرَةٍ، فَمَدَرْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا، فَعَدَّتْ لِي سِتَّةَ عَشَرَ تَمْرَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِيَ مِنْهَا» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمِثْلُهُ إِذَا بَاعَهُ الصَّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَالْعِلْمُ بِالثَّمَنِ يَتْبَعُ الْعِلْمَ بِالْمُثَمَّنِ، فَهُنَا كَذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْأَجْرِ يَتْبَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>