فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَانْقِلَاعِ الضِّرْسِ الَّذِي اكْتَرَى لِقَلْعِهِ أَوْ بُرْئِهِ وَنَحْوَ هَذَا، وَإِنِ اكْتَرَى دَارَا فَانْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَصَحِّ كَمَا لَوِ اشْتَرَى صَبْرَتَيْنِ فَقَبَضَ إِحْدَاهُمَا وَتَلَفَتِ الْأُخْرَى بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهَا ثُمَّ إِنْ كَانَ آخِرَ الْمُدَّةِ مُتَسَاوِيًا وَقَدِ اسْتَوْفَى نِصْفَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ بِأَنْ يَكُونَ أَجْرُهَا فِي الصَّيْفِ أَكْثَرَ مِنَ الشِّتَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى يُقَسَّطُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذا قِيلَ: أَجْرُهَا فِي الصَّيْفِ يُسَاوِي مِائَةً وَفِي الشِّتَاءِ يُسَاوِي خَمْسِينَ، وَكَانَ قَدْ سَكَنَ الصَّيْفَ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ ثُلُثَيِ الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْمُسَمَّى (وَمَوْتِ الصَّبِيِّ الْمُرْتَضِعِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِكَوْنِ غَيْرِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الرِّضَاعِ، وَقَدْ يَدِرُّ اللَّبَنُ عَلَى وَلَدٍ دُونَ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ عَقِبَ الْعَقْدِ زَالَتِ الْإِجَارَةُ مَنْ أَصْلِهَا، وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأَجْرِ كُلِّهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وَكَذَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِهَلَاكِ مَحَلِّهَا، وَعَنْهُ: لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَيَجِبُ فِي مَالِهَا أَجْرُ مَنْ تُرْضِعُهُ تَمَامَ الْوَقْتِ كَالدَّيْنِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هَلَكَ أَشْبَهَ هَلَاكَ الْبَهِيمَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (وَمَوْتِ الرَّاكِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، أَوْ كَانَ غَائِبًا كَمَنْ يَمُوتُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَيَتْرُكُ جَمَلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ ; لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرَ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ أَشْبَهَ مَا لَوْ غُصِبَتْ، وَلِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقْدِ ضَرَرٌ فِي حَقِّهِمَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ; لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي (وَانْقِلَاعِ الضِّرْسِ الَّذِي اكْتَرَى لِقَلْعِهِ أَوْ بُرْئِهِ) لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْمَوْتِ، فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ وَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ قَلْعِهِ لَمْ يُجْبَرْ (وَنَحْوَ هَذَا) كَاسْتِئْجَارِ طَبِيبٍ لِيُدَاوِيهِ، فَبَرَأَ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إِذَا أَتْلَفَ الْعَيْنَ، فَإِنَّهَا يَثْبُتُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ، وَمِثْلُهُ جَبُّ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فَإِنَّهَا تَضْمَنُ وَلَهَا الْفَسْخُ.
(وَإِنِ اكْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ، أَوْ أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَ " الْوَجِيزِ "، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute