مِنَ الْمُدَّةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي وَلَا بِعُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكْتَرِيَ لِلْحَجِّ فَتَضِيعَ نَفَقَتُهُ، أَوْ دُكَّانًا فَيَحْتَرِقُ مَتَاعُهُ، وَإِنْ غُصِبَتِ الْعَيْنُ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَمُطَالَبَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَاتَ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ، وَقِيلَ: وَتَنْفَسِخُ فِيمَا مَضَى (وَفِي الْآخَرِ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ) صَحَّحَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الدَّارِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْعَرْصَةِ بِنَصْبِ خَيْمَةٍ، أَوْ جَمْعِ حَطَبٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَشْبَهَ نَقْصَ الْعَيْنِ، أَمَّا لَوْ زَالَتْ مَنَافِعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، أَوِ الَّذِي بَقِيَ فِيهَا لَا يُبَاحُ اسْتِيفَاؤُهُ بِالْعَقْدِ كَدَابَّةٍ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فَصَارَتْ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلْحَمْلِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَجْهًا وَاحِدًا.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَرْضِ وَالَّتِي انْقَطَعَ مَاؤُهَا: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيُخَيَّرُ، فَإِنِ اخْتَارَ الْمُقَامَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْفَسْخَ وَلَا الْإِمْضَاءَ إِمَّا لِجَهْلِهِ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الْفَسْخُ.
فَرْعٌ: إِذَا آجَرَهُ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صَحَّ، فَإِنْ أَطْلَقَ، فَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ صِحَّتَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا، وَقِيلَ: لَا كَظَنِّهِ إِمْكَانَ تَحْصِيلِهِ، وَإِنْ ظَنَّ وَجُودَهُ بِالْأَمْطَارِ، وَزِيَادَةِ الْأَنْهَارِ صَحَّ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ كَالْعِلْمِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ.
(وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ مَعَ سَلَامَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ مُكْتَرٍ لَا قَائِمَ مَقَامَهُ كَبُرْءِ ضِرْسٍ اكْتَرَى لِقَلْعِهِ ; لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ يَتَعَذَّرُ بِمَوْتِهِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ مَلَكَ الْمَنَافِعَ، وَإِنَّ الْأُجْرَةَ قَدْ مُلِّكَتْ عَلَيْهِ كَامِلَةً وَقْتَ الْعَقْدِ، وَيَلْزَمُهُمْ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَمَاتَ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَعَنْهُ: لَا بَلْ وَارِثُهُ كَهُوَ، وَقِيلَ: إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَقِيلَ: لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا قَطَعَ مِنَ الْمَسَافَةِ الْوَاجِبِ قَطْعُهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْأَرْكَانِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِمَا بَقِيَ، وَإِنْ عَمِلَ بَعْضَهَا فَلَهُ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَنْ يَعْمَلُ الْبَاقِيَ (وَلَا) تَنْفَسِخُ (بِعُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكْتَرِيَ لِلْحَجِّ فَتَضِيعَ نَفَقَتُهُ، أَوْ دُكَّانًا فَيَحْتَرِقُ مَتَاعُهُ) فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَمْ يَجُزْ لِعُذْرٍ مِنْ غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ، وَيُفَارِقُ الْإِبَاقَ، فَإِنَّهُ عُذْرٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ غُصِبَتِ الْعَيْنُ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute